نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم جلد : 4 صفحه : 78
الْكَاتِب فَوجدت فِيهِ وحملت إِلَى قصر المعتضد فَبَقيت هُنَالك إِلَى أَن مَاتَت فِي الْقصر فِي أَيَّام المقتدر فهم إِلَى الْيَوْم ينتظرون ضَالَّة من مائَة عَام وَثَمَانِينَ عَاما وَكَانَت طَائِفَة قديمَة قد بادت كَانَ رئيسهم الْمُخْتَار بن عبيد وكيسان أَبَا عمْرَة وَغَيرهمَا يذهبون إِلَى أَن الإِمَام بعد الْحُسَيْن مُحَمَّد أَخُوهُ الْمَعْرُوف بِابْن الحنيفة وَمن هَذِه الطَّائِفَة كَانَ السَّيِّد الْحِمْيَرِي وَكثير عزة الشَّاعِر أَن وَكَانُوا يَقُولُونَ أَن مُحَمَّدًا بن الْحَنَفِيَّة حَيّ بجبل رضوي وَلَهُم من التَّخْلِيط مَا تضيق عَنهُ الصُّحُف
(وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد) وعمدة هَذِه الطوائف كلهَا فِي الِاحْتِجَاج أَحَادِيث مَوْضُوعَة مكذوبة لَا يعجز عَن توليد مثلهَا من لَا دين لَهُ وَلَا حَيَاء
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) لَا معنى لاحتجاجنا عَلَيْهِم برواياتنا فهم لَا يصدقونا وَلَا معنى لاحتجاجهم علينا بروياتهم فَنحْن لَا نصدقها وَإِنَّمَا يجب أَن يحْتَج الْخُصُوم بَعضهم على بعض بِمَا يصدقهُ الَّذِي تُقَام عَلَيْهِ الْحجَّة بِهِ سَوَاء صدقه المحتج أَو لم يصدقهُ لِأَن من صدق بِشَيْء ملزمه القَوْل بِهِ أَو بِمَا يُوجِبهُ الْعلم الضَّرُورِيّ فَيصير الْخصم يَوْمئِذٍ مكابراً مُنْقَطِعًا أَن ثَبت على مَا كَانَ عَلَيْهِ إِلَّا أَن بعض مَا يشغبون بِهِ أَحَادِيث صِحَاح نوافقهم على صِحَّتهَا مِنْهَا قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَلي رَضِي الله عَنهُ أَنْت مني بِمَنْزِلَة هَارُون من مُوسَى إِلَّا أَنه لَا نَبِي بعدِي
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَهَذَا لَا يُوجب لَهُ فضلا على من سواهُ وَلَا اسْتِحْقَاق الْإِمَامَة بعده عَلَيْهِ السَّلَام لِأَن هَارُون لم يل أَمر نَبِي إِسْرَائِيل بعد مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام وَإِنَّمَا ولي الْأَمر بعد مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام يُوشَع بن نون فَتى مُوسَى وَصَاحبه الي سَافر مَعَه فِي طلب الْخضر عَلَيْهِمَا السَّلَام كَمَا ولي الْأَمر بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَاحبه فِي الْغَار الَّذِي سَافر مَعَه إِلَى الْمَدِينَة وَإِذا لم يكن عَليّ نَبيا كَمَا كَانَ هَارُون نَبيا نَبيا وَلَا كَانَ هَارُون خَليفَة بعد موت مُوسَى على بني إِسْرَائِيل فقد صَحَّ أَن كَونه رَضِي الله عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَنْزِلَة هَارُون من مُوسَى إِنَّمَا هُوَ فِي الْقَرَابَة فَقَط وَأَيْضًا فَإِنَّمَا قَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا القَوْل إِذا اسْتَخْلَفَهُ على الْمَدِينَة فِي غَزْوَة تَبُوك فَقَالَ المُنَافِقُونَ استقله فخلفه فلحق عَليّ برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَشكى ذَلِك إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِينَئِذٍ أَنْت مني بِمَنْزِلَة هَارُون من مُوسَى يُرِيد عَلَيْهِ السَّلَام أَنه اسْتَخْلَفَهُ على الْمَدِينَة مُخْتَارًا استخلافه كَمَا اسْتخْلف مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام هَارُون عَلَيْهِ السَّلَام أَيْضا مُخْتَار الإستخلافة ثمَّ قد اسْتخْلف عَلَيْهِ السَّلَام قبل تَبُوك وَبعد تَبُوك على الْمَدِينَة فِي أَسْفَاره رجَالًا سوى عَليّ رَضِي الله عَنهُ فصح أَن هَذَا الِاسْتِخْلَاف لَا يُوجب لعَلي فضلا على غَيره وَلَا ولَايَة الْأَمر بعده كَمَا لم يُوجب ذَلِك لغيره من المستخلفين
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وعمدة مَا احتجت بِهِ الإمامية أَن قَالُوا لَا بُد من ان يكون إِمَام مَعْصُوم عِنْده جَمِيع علم الشَّرِيعَة ترجع النَّاس إِلَيْهِ فِي أَحْكَام الدّين ليكونوا مِمَّا تعبدوا بِهِ على يَقِين
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم جلد : 4 صفحه : 78