responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 4  صفحه : 68
إِلَى قَوْله {فكسونا الْعِظَام لَحْمًا ثمَّ أَنْشَأْنَاهُ خلقا آخر فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ} فَأخْبر عز وَجل أَن عنصر الْإِنْسَان إِنَّمَا هُوَ الْعِظَام الَّذِي انْتَقَلت عَن السلالة الَّتِي من طين إِلَى النُّطْفَة إِلَى الْعلقَة إِلَى المضغة إِلَى الْعِظَام وَأَن اللَّحْم كسْوَة الْعِظَام وَهَذَا أَمر مشَاهد لِأَن اللَّحْم يذهب بِالْمرضِ حَتَّى لَا يبْقى مِنْهُ مَا لَا قدر لَهُ ثمَّ يكثر عَلَيْهِ لحم آخر إِذا خصب الْجِسْم وَكَذَلِكَ أخبرنَا عز وَجل أَنه يُبدل الْخلق فِي الْآخِرَة فَقَالَ {كلما نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيرهَا ليذوقوا الْعَذَاب} وَفِي الْآثَار الثَّابِتَة أَن جُلُود الْكفَّار تغلظ حَتَّى تكون نيفاً وَسبعين ذِرَاعا وَأَن ضرسه فِي النَّار كَأحد وَكَذَلِكَ نجد اللَّحْم الَّذِي فِي جَسَد الْإِنْسَان يتغذى بِهِ حَيَوَان آخر فيستحيل لَحْمًا لذَلِك الْحَيَوَان إِذْ يَنْقَلِب دوداً فصح بِنَصّ الْقُرْآن الْعِظَام هِيَ الَّتِي تحيى يَوْم الْقِيَامَة وَمن أنكر مَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآن فَلَا حَظّ لَهُ فِي الْإِسْلَام ونعوذ بِاللَّه من الخذلان
الْكَلَام فِي خلق الْجنَّة وَالنَّار
ذهبت طَائِفَة من الْمُعْتَزلَة والخوارج إِلَى أَن الْجنَّة وَالنَّار لم يخلقا بعد وَذهب جُمْهُور الْمُسلمين إِلَى أَنَّهُمَا قد خلقتا وَمَا نعلم لمن قَالَ أَنَّهُمَا لم يخلقا بعد حجَّة أصلا أَكثر من أَن بَعضهم قَالَ قد صَحَّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ وَذكر أَشْيَاء من أَعمال الْبر من عَملهَا غرس لَهُ فِي الْجنَّة كَذَا وَكَذَا شَجَرَة وَبقول الله تَعَالَى حاكياً عَن امْرَأَة فِرْعَوْن أَنَّهَا قَالَت {رب ابْن لي عنْدك بَيْتا فِي الْجنَّة} قَالُوا وَلَو كَانَت مخلوقة لم يكن فِي الدُّعَاء فِي اسْتِئْنَاف الْبناء وَالْغَرْس معنى
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَإِنَّمَا قُلْنَا أَنَّهُمَا مخلوقتان على الْجُمْلَة كَمَا أَن الأَرْض مخلوقة ثمَّ يحدث الله تَعَالَى فِيهَا مَا يَشَاء من الْبُنيان
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) والبرهان على أَنَّهُمَا مخلوقتان بعد أَخْبَار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه رأى الْجنَّة لَيْلَة الْإِسْرَاء وَأخْبر عَلَيْهِ السَّلَام أَنه رأى سِدْرَة الْمُنْتَهى فِي السَّمَاء السَّادِسَة وَقَالَ تَعَالَى عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهى {عِنْدهَا جنَّة المأوى} فصح أَن جنَّة المأوى هِيَ السَّمَاء السَّادِسَة وَقد أخبر الله عز وَجل أَنَّهَا الْجنَّة الَّتِي يدخلهَا الْمُؤْمِنُونَ يَوْم الْقِيَامَة قَالَ تَعَالَى {فَلهم جنَّات المأوى نزلا بِمَا كَانُوا يعْملُونَ} فَلَيْسَ لأحد بعد هَذَا أَن يَقُول أَنَّهَا جنَّة غير جنَّة الْخلد وَأخْبر عَلَيْهِ السَّلَام أَنه رأى الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام فِي السَّمَوَات سَمَاء سَمَاء وَلَا شكّ فِي أَن أَرْوَاح الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي الْجنَّة فصح أَن الجنات هِيَ السَّمَوَات وَكَذَلِكَ أخبر عَلَيْهِ السَّلَام أَن الفردوس الْأَعْلَى من الْجنَّة الَّتِي أمرنَا الله تَعَالَى أَن نَسْأَلهُ إِيَّاهَا فَوْقهَا عرش الرَّحْمَن وَالْعرش مَخْلُوق بعد الْجنَّة فالجنة مخلوقة وَكَذَلِكَ أخبر عَلَيْهِ السَّلَام أَن النَّار اشتكت إِلَى رَبهَا فَأذن لَهَا بنفسين وَإِن ذَلِك أَشد مَا نجده من الْحر وَالْبرد وَكَانَ القَاضِي مُنْذر بن سعيد يذهب إِلَى أَن الْجنَّة وَالنَّار مخلوقتان إِلَّا أَنه كَانَ يَقُول أَنَّهَا لَيست الَّتِي كَانَ فِيهَا آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَامْرَأَته وَاحْتج فِي ذَلِك

نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 4  صفحه : 68
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست