responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 4  صفحه : 158
الْجَاهِل الملحد المتهور من أَن الله تَعَالَى مشارك للْعَالم حاشا لله من هَذَا وَقَالَ السمناني عَن شُيُوخه من الأشعرية أَن معنى قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الله خلق آدم على صورته إِنَّمَا هُوَ على صفة الرَّحْمَن من الْحَيَاة وَالْعلم والاقتدار وَإِجْمَاع صِفَات الْكَمَال فِيهِ وأسجد لَهُ مَلَائكَته كَمَا أسجدهم لنَفسِهِ وَجعل لَهُ الْأَمر وَالنَّهْي على ذُريَّته كَمَا كَانَ لله تَعَالَى كل ذَلِك
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) هَذَا نَص كَلَامه حرفا حرفا وَهَذَا كفر صَرِيح وشرك بواح إِذْ صرح بِأَن آدم على صفة الرَّحْمَن من اجْتِمَاع صِفَات الْكَمَال فيهمَا فَالله تَعَالَى وآدَم عِنْده مثلان مشتبهان فِي أجتمع صِفَات الْكَمَال فيهمَا ثمَّ لم يقنع بِهَذِهِ السوءة حَتَّى صرح بِأَن سُجُود الْمَلَائِكَة لآدَم كسجودهم لله عز وَجل وحاشا لله من هَذَا لِأَن سُجُود الْمَلَائِكَة لله تَعَالَى سُجُود عبَادَة وديانة لخالقهم وسجودهم لآدَم سُجُود سَلام وتحية وتشريف مِنْهُم لآدَم وإكرام لَهُ بذلك كسجود يَعْقُوب لِابْنِهِ يُوسُف عَلَيْهِمَا السَّلَام فَقَط ثمَّ زَاد اللعين كفرا على كفر بنصه أَن الله تَعَالَى جعل لَهُ الْأَمر وَالنَّهْي على ذُريَّته كَمَا كَانَ لله تَعَالَى ذَلِك وَهَذَا شرك لَا خَفَاء بِهِ كشرك النَّصَارَى فِي الْمَسِيح وَلَا فرق ونسأل الله تَعَالَى الْعَافِيَة وَقَالَ هَذَا السمناني أَن مَذْهَب شُيُوخه أَنهم لَا يَقُولُونَ أَن الْأَمر بالشَّيْء دَال على كَونه مرَادا للْآمِر قَدِيما كَانَ أَو مُحدثا وَلَا يدل النَّهْي على كَونه مَكْرُوها وَهَذَا نَص كَلَامه وَهَذَا خلاف الْإِسْلَام وَالْإِجْمَاع والمعقول وتصريح بِأَن الله تَعَالَى إِذا أَمر بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة وَالْحج وَالصِّيَام وَالْجهَاد وَشَهَادَة الْإِسْلَام فَلَيْسَ فِي ذَلِك دَلِيل على أَنه يُرِيد شَيْئا من ذَلِك وَإِذ نهى عَن الْكفْر وَالزِّنَا وَالْبَغي وَالسَّرِقَة وَقتل النَّفس ظلما فَلَيْسَ ذَلِك دَلِيلا على أَنه يكره شَيْئا من ذَلِك وَمَا فِي الْأَقْوَال أنتن من هَذَا القَوْل وَقَالَ السمناني أَنه لَا يَصح القَوْل بِأَن علم الله تَعَالَى مُخَالف للعلوم كلهَا وَلَا أَن قدرته مُخَالفَة للقدر كلهَا لِأَنَّهَا كلهَا دَاخِلَة تَحت قَوْلنَا ووصفنا للقدر والعلوم هَذَا نَص كَلَامه وَهَذَا بَيَان بِأَن دينهم أَن علم الله تَعَالَى وَقدرته من نوع علمنَا وقدرتنا وَإِذ الْأَمر كَذَلِك عِنْده فَعلمنَا وقدرتنا عرضان فِينَا مخلوقان فَوَجَبَ ضَرُورَة أَن علم الله تَعَالَى وَقدرته عرضان فِي الله مخلوقان إِذْ من الْمُمْتَنع وُقُوع مَا لم يزل مَعَ الْمُحدث الْمَخْلُوق تَحت حد وَاحِد وَنَوع وَاحِد وَنَصّ هَذَا السمناني وَمُحَمّد بن الْحسن بن فورك فِي صدر كَلَامه فِي كتاب الْأُصُول أَن الْحُدُود لَا تخْتَلف فِي قديم وَلَا مُحدث قَالُوا ذَلِك فِي كَلَامهم فِي علم الله تَعَالَى فِي تحديدهم لِمَعْنى الْعلم بِصفة يَقع تحتهَا علم الله تَعَالَى وعلوم النَّاس وَهَذَا نَص مِنْهُم على أَن الله تَعَالَى مَحْدُود وَاقع مَعنا تَحت الْحُدُود وَهُوَ علمه وَقدرته وَهُوَ شَرّ من قَول جهم شيخهم فِي الْحَقِيقَة وَأبين من قَول كل مشبه فِي الأَرْض وَنَصّ هَذَا السمناني على أَن الْعَالم والقادر والمريد من الله تَعَالَى وخلقه إِنَّمَا كَانَ مُحْتَاجا إِلَى هَذِه الصِّفَات لكَونه مَوْصُوفا بهَا لَا لجوازها عَلَيْهِ هَذَا نَص كَلَامه وَهَذَا تَصْرِيح مِنْهُم بِلَا تكلّف وَلَا تَأْوِيل بِأَن الله تَعَالَى عَن كفر هَذَا الأرعن مُحْتَاج إِلَى الصِّفَات وَهَذَا كفر مَا يدْرِي أَن أحدا بلغه وَنَصّ هَذَا السمناني أَيْضا على أَن الله تَعَالَى لما كَانَ حَيا عَالما كَانَ مَوْصُوفا بِالْحَيَاةِ وَالْعلم وَالْقُدْرَة والإرادة حَتَّى لَا يخْتَلف الْحَال فِي ذَلِك فِي الشَّاهِد وَالْغَائِب هَذَا نَص كَلَامه وَهَذَا تَصْرِيح مِنْهُ على أَن الله تَعَالَى حَالا لم يُخَالِفهُ فِيهَا خلقه بل هُوَ وهم فِيهَا سَوَاء وَنَصّ هَذَا السمناني على أَنه إِذا كَانَت الصِّفَات الْوَاجِبَة لله تَعَالَى فِي كَونه عَالما قَادِرًا لَا يُغني وُجُوبهَا لَهُ عَن مَا هُوَ مصحح لَهَا من الْحَيَاة فِيهِ كَمَا لَا يُوجب غناهُ

نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 4  صفحه : 158
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست