نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم جلد : 4 صفحه : 100
يحل لمن لَهُ أدنى مسكة من عقل أَن يمر هَذَا فِي باله عَن فَاضل من النَّاس فَكيف عَن الْمُقَدّس المطهر الْبَائِن فَضله على جَمِيع النَّاس صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَلَوْلَا أَنه بلغنَا عَن بعض من تصدر لنشر الْعلم من زَمَاننَا وَهُوَ الْمُهلب بن أبي صفرَة التَّمِيمِي صَاحب عبد الله بن إِبْرَاهِيم الْأَصِيل أَنه أَشَارَ إِلَى هَذَا الْمَعْنى الْقَبِيح وَصرح بِهِ مَا انْطلق لنا بِالْإِيمَاءِ إِلَيْهِ لِسَان وَلَكِن الْمُنكر إِذا ظهر وَجب على الْمُسلمين تَغْيِيره فرضا على حسب طاقتهم وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَكَذَلِكَ عرض الْملك لَهَا رَضِي الله عَنهُ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل وِلَادَتهَا فِي سرعَة من حَرِير يَقُول لَهُ هَذِه زَوجتك فَيَقُول عَلَيْهِ السَّلَام إِن يكن من عِنْد الله يمضيه فَهَل بعد هَذَا فِي الْفضل غَايَة
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَاعْترض علينا مكي بن أبي طَالب الْمقري بِأَن قَالَ يلْزم على هَذَا أَن تكون امْرَأَة أبي بكر أفضل من عَليّ لِأَن امْرَأَة أبي بكر مَعَ أبي بكر فِي الْجنَّة فِي دَرَجَة وَاحِدَة وَهِي أَعلَى من دَرَجَة عَليّ فمنزلة امْرَأَة أبي برك أَعلَى من منزلَة عَليّ فَهِيَ أفضل من عَليّ
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) فأجبناه بِأَن قُلْنَا لَهُ وَبِاللَّهِ تَعَالَى نتأيد أَن هَذَا الِاعْتِرَاض لَيْسَ بِشَيْء لوجوه أَحدهَا أَن مَا بَين دَرَجَة أبي بكر ودرجة عَليّ فِي الْفضل الْمُوجب لعلو دَرَجَته فِي الْجنَّة لعلو دَرَجَته فِي الْجنَّة على دَرَجَة عَليّ لَيست من التباين بِحَيْثُ مَا هُوَ بَين دَرَجَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَين دَرَجَة أبي بكر فِي الْفضل الْمُوجب لعلو دَرَجَته عَلَيْهِ السَّلَام على دَرَجَات سَائِر الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم بل قد أيقنا أَن دَرَجَة أقل رجل منا فِي الْفضل أقرب نِسْبَة من أَعلَى دَرَجَة لأعلى رجل من الصَّحَابَة من نِسْبَة دَرَجَة أفضل الصَّحَابَة إِلَى دَرَجَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَيْضًا فَلَيْسَ بَين أبي بكر وَعلي فِي المباينة فِي الْفضل مَا يُوجب أَن تكون امْرَأَة أبي بكر التابعة لَهُ أفضل من عَليّ بل منَازِل الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين الَّذين أوذوا فِي سَبِيل الله عز وَجل مُتَقَارِبَة وَإِن تفاضلت ثمَّ كَذَلِك أهل السوابق مشهداً مشهداً درجهم فِي الْفضل مُتَقَارِبَة وَإِن تفاضلت ثمَّ منَازِل الْأَنْصَار الْأَوَّلين مُتَقَارِبَة وَإِن تفاضلت ثمَّ كَذَلِك أهل السَّابِق بعد الْهِجْرَة مشهداً مشهداً درجهم مُتَقَارِبَة فِي الْفضل ثمَّ كَذَلِك من أسلم بعد الْفَتْح أَيْضا ويزداد الْأَفْضَل فَالْأَفْضَل من الْمُشْركين فِي الْمشَاهد جَزَاء على على ذَلِك فَنَقُول أَن امْرَأَة أبي برك الْمُسْتَحقَّة بعملها الْكَوْن مَعَه فِي دَرَجَته مثل أم رُومَان لسنا نَدْرِي أَهِي أفضل أم عَليّ لأَنا لَا نَص مَعنا فِي ذَلِك والتفضيل لَا يعرف إِلَّا بِنَصّ وَقد قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام حيركم الْقرن الَّذِي بعثت فِيهِ قُم الَّذين يَلُونَهُمْ أَو كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام فجعلهم طَبَقَات فِي الْخَيْر وَالْفضل فَلَا شكّ هم كَذَلِك فِي الْجَزَاء فِي الْجنَّة وَإِلَّا فَكَانَ يكون الْفضل لَا معنى لَهُ وَقَالَ عز وَجل {هَل تُجْزونَ إِلَّا مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} وَأَيْضًا فلسنا نشك أَن الْمُهَاجِرَات الأوليات من نسَاء الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم يشاركن الصَّحَابَة فِي الْفضل ففاضلة ومفضولة وفاضل ومفضول ففيهن من يفضل كثيرا من الرِّجَال وَفِي الرِّجَال من يفل كثيرا مِنْهُنَّ وَمَا ذكر الله تَعَالَى منزلَة من الْفضل إِلَّا وَقرن النِّسَاء مَعَ الرِّجَال فِيهَا كَقَوْلِه تَعَالَى {إِن الْمُسلمين والمسلمأت} الْآيَة حاشا الْجِهَاد فَإِنَّهُ فرض على الرِّجَال دون ولسنا ننكر أَن يكون لأبي بكر رَضِي الله عَنهُ قُصُور ومنازل مُقَدّمَة على جَمِيع الصَّحَابَة ثمَّ يكون لمن لم تستأهل من نِسَائِهِ تِلْكَ الْمنزلَة فِي الْجنَّة دون منَازِل من هُوَ أفضل مِنْهُنَّ من الصَّحَابَة فقد نكح الصَّحَابَة رَضِي الله
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم جلد : 4 صفحه : 100