responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 3  صفحه : 60
تَعَالَى لَا عَلَيْهِ فأبدلت من منَ على وحروف الْجَرّ يُبدل بَعْضهَا من بعض ثمَّ نقُول لَهُم من خلق إِبْلِيس ومردة الشَّيَاطِين وَالْخمر والخنازير وَالْحِجَارَة المعبودة وَالْميسر والأصنام والأزلام وَمَا أهل لغير الله بِهِ وَمَا ذبح على النصب فَمن قَوْلهم وَقَول كل مُسلم أَن الله تَعَالَى خَالق هَذَا كُله فلنسألهم أَشَيْء حسن هُوَ كل ذَلِك أم رِجْس وقبيح وَشر فَإِن قَالُوا بل رِجْس وقبيح ونجس وَشر وَفسق صدقُوا وأقروا أَنه تَعَالَى خلق الأنجاس والرجس وَالشَّر وَالْفِسْق وَمَا لَيْسَ حسنا فَإِن قَالُوا بل هِيَ حسان فِي إِضَافَة خلقهَا إِلَى الله تَعَالَى وَهِي رِجْس ونجس وَشر وَفسق تَسْمِيَة الله تَعَالَى لَهَا بذلك قُلْنَا صَدقْتُمْ وَهَكَذَا نقُول أَن الْكفْر والمعاصي هِيَ فِي أَنَّهَا أَعْرَاض وحركات خلق لله تَعَالَى حسن من خلق الله تَعَالَى كل ذَلِك وَهِي من العصاة بإضافتها إِلَيْهِم قبايح ورجس وَقَالَ عز وَجل {إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر والأنصاب والأزلام رِجْس من عمل الشَّيْطَان} وَقَالَ تَعَالَى {أَو لحم خِنْزِير فَإِنَّهُ رِجْس} فليخبرونا بِأَيّ ذَنْب كَانَ من هَذِه الْأَشْيَاء وَجب أَن يسخطها الله تَعَالَى وَأَن يرجسها وَيجْعَل غَيرهَا طَيّبَات هَل هَا هُنَا إِلَّا أَنه تَعَالَى فعل مَا يَشَاء وَأي فرق بَين أَن يسْخط مَا شَاءَ فيلعنه مِمَّا لَا يعقل ويرضى عَمَّا شَاءَ من ذَلِك فيعلي قدره وَيَأْمُر بتعظيمه كناقة صَالح وَالْبَيْت الْحَرَام وَبَين أَن يفعل ذَلِك أَيْضا فِيمَن يعقل فَيقرب بَعْضًا كَمَا شَاءَ وَيبعد بَعْضًا كَمَا شَاءَ وَهَذَا مَا لَا سَبِيل إِلَى وجود الْفرق فِيهِ أبدا ثمَّ نسألهم هَل حابى الله تَعَالَى من خلقه فِي أَرض الْإِسْلَام بِحَيْثُ لَا يلقى إِلَّا دَاعيا إِلَى الدّين ومحسنا لَهُ على من خلقه فِي أَرض الزنج والصين وَالروم بِحَيْثُ لَا يسمع إِلَّا ذاماً لدين الْمُسلمين مُبْطلًا لَهُ وصاداً عَنهُ وَهل رَأَوْا فظا وسمعوا بِمن خرج من هَذِه الْبِلَاد طَالبا لصِحَّة الْبُرْهَان على الدّين فَمن أنكر هَذَا كَابر العيان والحس وَمن أذعن لَهَا ترك قَول الْمُعْتَزلَة الْفَاسِد
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَالْقَوْل الصَّحِيح هُوَ أَن الْعقل الصَّحِيح يعرف بِصِحَّتِهِ ضَرُورَة أَن الله تَعَالَى حَاكم على كل مَا دونه وَأَنه تَعَالَى غير مَحْكُوم عَلَيْهِ وَأَن كل مَا سواهُ تَعَالَى فمخلوق لَهُ عز وَجل سوآء كَانَ جوهراً حَامِلا أَو عرضا مَحْمُولا لَا خَالق سواهُ وَأَنه يعذب من يَشَاء أَن يعذبه وَيرْحَم من يَشَاء أَن يرحمه وَأَنه لَا يلْزم أحدا إِلَّا مَا ألزمهُ الله عز وَجل وَلَا قَبِيح إِلَّا مَا قبح الله وَلَا حسن إِلَّا مَا حسن الله وَأَنه لَا يلْزم لأحد على الله تَعَالَى حق وَلَا حجَّة وَللَّه تَعَالَى على كل من دونه وَمَا دونه الْحق الْوَاجِب وَالْحجّة الْبَالِغَة لَو عذب المطيعين وَالْمَلَائِكَة والأنبياء فِي النَّار مخلدين لَكَانَ ذَلِك لَهُ ولكان عدلا وَحقا مِنْهُ وَلَو نعم إِبْلِيس وَالْكفَّار فِي الْجنَّة مخلدين كَانَ ذَلِك لَهُ وَكَانَ حَقًا وعدلاً مِنْهُ وَإِن كل ذَلِك إِذْ أَبَاهُ الله تَعَالَى وَأخْبر أَنه لَا يَفْعَله صَار بَاطِلا وجوراً وظلماً وَأَنه لَا يَهْتَدِي أحد إِلَّا من هداه الله عز وَجل وَلَا يضل أحد إِلَّا أضلّهُ الله عز وَجل وَلَا يكون فِي الْعَالم إِلَّا مَا أَرَادَ الله عز وَجل كَونه من خيرا أَو شَرّ وَغير ذَلِك وَمَا لم يرد عز وَجل كَونه فَلَا يكون الْبَتَّةَ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق وَنحن نجد الْحَيَوَان لَا يُسمى عدوان بَعْضهَا على بعض قبيحاً وَلَا ظلما وَلَا يلام على ذَلِك وَلَا يلام على من ربى شَيْئا مِنْهَا على الْعدوان عَلَيْهَا فَلَو كَانَ هَذَا النَّوْع قبيحاً لعَينه وظلماً لعَينه لقبح مَتى وجد فَلَمَّا لم يكن كَذَلِك صَحَّ أَنه لَا يقبح شَيْء لعَينه الْبَتَّةَ لَكِن إِذا قبحه الله عز وَجل فَقَط فَإذْ قد بَطل قَوْلهم بالبرهان الْكُلِّي الْجَامِع لأصلهم الْفَاسِد فلنقل بحول الله تَعَالَى وقوته إبِْطَال أَجزَاء مسائلهم وَبِاللَّهِ تَعَالَى نستعين فَأول ذَلِك أَن نسألهم فَنَقُول عرفونا

نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 3  صفحه : 60
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست