responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 3  صفحه : 45
بِنَقْل الكواف عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن جِبْرِيل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا قُرِئت بِالْهَمْز فَهُوَ إِخْبَار جِبْرِيل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرّوح الْأمين إِنَّه هُوَ الْوَاهِب لَهَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَإِذا قُرِئت بِالْيَاءِ فَهُوَ من إِخْبَار جِبْرِيل عَن الله عز وَجل بِأَن الله تَعَالَى هُوَ الْوَاهِب لَهَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَهَذَا فعل من فاعلين نسب إِلَى الله عز وَجل الْهِبَة لِأَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الْخَالِق لتِلْك الْهِبَة ونسبت الْهِبَة أَيْضا إِلَى جِبْرِيل لِأَنَّهُ مِنْهُ ظَهرت إِذْ أَتَى بهَا وَكَذَلِكَ قَوْله عز وَجل {وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى} فَأخْبر تَعَالَى أَنه رمى وَأَن نبيه رمى فَأثْبت تَعَالَى لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرَّمْي ونفاه عَنهُ مَعًا وبالضرورة نَدْرِي أَن كَلَام الله عز وَجل لَا يتناقض فَعلمنَا أَن الرَّمْي الَّذِي نَفَاهُ الله عز وَجل عَن نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ غير الرَّمْي الَّذِي أثْبته لَهُ لَا يظنّ غير هَذَا مُسلم الْبَتَّةَ فصح ضَرُورَة أَن نِسْبَة الرَّمْي إِلَى الله عز وَجل لِأَنَّهُ خلقه وَهُوَ تَعَالَى خَالق الْحَرَكَة الَّتِي هِيَ الرَّمْي وممض الرَّمية وخالق مسير الرَّمْي وَهَذَا هُوَ الْمَنْفِيّ عَن الرَّامِي وَهُوَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصَحَّ أَن الرَّمْي للَّذي أثْبته الله عز وَجل لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ ظُهُور حَرَكَة الرَّمْي مِنْهُ فَقَط وَهَذَا هُوَ نَص قَوْلنَا دون تكلّف وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {فَلم تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِن الله قَتلهمْ} وَالْقَوْل فِي هَذَا كالقول فِي الرَّمْي وَلَا فرق وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {زينا لكل أمة عَمَلهم} وَقَوله تَعَالَى {وزين لَهُم الشَّيْطَان مَا كَانُوا يعْملُونَ} ضررة أَن تَزْيِين الله لكل أمة عَملهَا إِنَّمَا هُوَ خلقه لمحبة أَعْمَالهم فِي نُفُوسهم وَأَن تَزْيِين الشَّيْطَان لَهُم أَعْمَالهم إِنَّمَا هُوَ بِظُهُور الدُّعَاء إِلَيْهَا وبوسوسة وَقَالَ تَعَالَى حاكيا عَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ {إِنِّي أخلق لكم من الطين كَهَيئَةِ الطير فأنفخ فِيهِ فَيكون طيراً بِإِذن الله وأبرئ الأكمة والأبرص وأحيي الْمَوْتَى بِإِذن الله} أفليس هَذَا فعلا من فاعلين من الله تَعَالَى وَمن الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام بِنَصّ الْآيَة وَهل خَالق الطير ومبرئ الأكمه والأبرص إِلَّا الله وَقد أخبر عِيسَى إِذْ يخلق وَيُبرئ فَهُوَ فعل من فاعلين بِلَا شكّ وَقَالَ عز وَجل مخبرا عَن نَفسه أَنه يحيي وَيُمِيت وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام عَن نَفسه وأحي الْمَوْتَى بِإِذن الله فبالضرورة نعلم أَن الْمَيِّت الَّذِي أَحْيَاهُ عَلَيْهِ السَّلَام وَالطير الَّذِي خلق ينص الْقُرْآن فَإِن الله تَعَالَى أَحْيَاهُ وخلقه وَعِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَحْيَاهُ وخلقه بِنَصّ الْقُرْآن فَهَذَا كُله فعل من فاعلين بِلَا شكّ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق وَهَكَذَا القَوْل فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَحلُّوا قَومهمْ دَار الْبَوَار جَهَنَّم} وَقد علمنَا يَقِينا أَن الله تَعَالَى هُوَ الَّذِي أحلّهُم فِيهَا بِلَا شكّ لَكِن لما ظهر مِنْهُم السَّبَب الَّذِي حلوا بِهِ دَار الْبَوَار أضيف ذَلِك إِلَيْهِم كَمَا قَالَ تَعَالَى عَن إِبْلِيس {كَمَا أخرج أبويكم من الْجنَّة} وَقد علمنَا أَن الله تَعَالَى هُوَ أخرجهُمَا وَأخرج إِبْلِيس مَعَهُمَا وَلَكِن لما ظهر من إِبْلِيس السَّبَب فِي خروجهما أضيف ذَلِك إِلَيْهِ وكما قَالَ تَعَالَى {لتخرج النَّاس من الظُّلُمَات إِلَى النُّور} فَنَقُول أَن مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخرجنَا من الظُّلُمَات إِلَى النُّور وَقد علمنَا أَن الْمخْرج لَهُ عَلَيْهِ السَّلَام وَلنَا هُوَ الله تَعَالَى لَكِن لما ظهر السَّبَب فِي ذَلِك مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَام أضيف الْفِعْل إِلَيْهِ فَهَذَا كُله لَا يُوجب الشّركَة بَينهم وَبَين الله تَعَالَى كَمَا تموه الْمُعْتَزلَة وكل هَذَا فعل من فاعلين وَكَذَلِكَ سَائِر الْأَفْعَال الظَّاهِرَة من النَّاس وَلَا فرق وَقَالَ تَعَالَى {إِنَّمَا نملي لَهُم ليزدادوا إِثْمًا} وَقَالَ تَعَالَى {وأملي لَهُم أَن كيدي متين} وَقَالَ تَعَالَى {الشَّيْطَان سَوَّلَ لَهُم وأملى لَهُم} فَعلمنَا ضَرُورَة أَن إملاء الله تَعَالَى إِنَّمَا هُوَ تَركه إيَّاهُم دون تَعْجِيل عِقَاب بل بسط لَهُم من الدُّنْيَا وَمد لَهُم من الْعُمر

نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 3  صفحه : 45
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست