responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 3  صفحه : 44
وَكَذَلِكَ القَوْل فِي الْجَهْل وَالْعجز أَنَّهُمَا جعل لعَينه وَعجز لعَينه فَكل من لم يعلم شَيْئا فَهُوَ جَاهِل بِهِ وَلَا بُد وكل من لم يقدر على شَيْء فَهُوَ عَاجز عَنهُ وَلَا بُد وَالْوَجْه الثَّانِي ان بِالضَّرُورَةِ الَّتِي بهَا علمنَا من نواة التَّمْر لَا يخرج مِنْهَا زيتونة وَإِن الْفرس لَا ينْتج جملا بهَا عرفنَا ان الله تَعَالَى لَا يكذب وَلَا يعجز وَلَا يجهل لِأَن كل هَذِه من صِفَات المخلوقين عَنهُ تَعَالَى منفية إِلَّا مَا جَاءَ نَص بِأَن يُطلق الِاسْم خَاصَّة من أسمائها عَلَيْهِ تَعَالَى فيقف عِنْده وَأَيْضًا فَإِن أَكثر الْمُعْتَزلَة يُحَقّق قدرَة الْبَارِي تَعَالَى على الظُّلم وَالْكذب وَلَا يجيزون وقوعهما مِنْهُ تَعَالَى وَلَيْسَ وَصفهم إِيَّاه عز وَجل بِالْقُدْرَةِ على ذَلِك بِمُوجب إِمْكَان وُقُوعه مِنْهُ تَعَالَى فَلَا ينكروا علينا أَن نقُول إِن الله عز وَجل فعل أفعالاً هِيَ مِنْهُ تَعَالَى عدل وَحِكْمَة وَهِي منا ظلم وعبث وَلَيْسَ يلْزمنَا مَعَ ذَلِك أَن نقُول انه يَقُول الْكَذِب ويجهل فَبَطل هَذَا الْإِلْزَام وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَأَيْضًا فإننا لم نقل أَنه تَعَالَى يظلم وَلَا يكون ظَالِما وَلَا قُلْنَا أَنه يكفر وَلَا يُسمى كَافِرًا وَلَا قُلْنَا أَنه يكذب وَيُسمى كَاذِبًا فيلزمنا مَا أَرَادوا وإلزامنا إِيَّاه وَإِنَّمَا قُلْنَا أَنه خلق الظُّلم وَالْكذب وَالْكفْر وَالشَّر وَالْحَرَكَة والطول وَالْعرض والسكون إعْرَاضًا فِي خلقه فَوَجَبَ أَن يُسمى خَالِقًا لكل ذَلِك كَمَا خلق الْجُوع والعطش والشبع والري وَالسمن والهزال واللغات وَلم يجر أَن يُسمى ظَالِما وَلَا كَاذِبًا وَلَا كَافِرًا وَلَا شريراً كَمَا لم يجز عندنَا وَعِنْدهم أَن يُسمى من أجل خلقه لكل مَا ذَكرْنَاهُ متحركاً وَلَا سَاكِنا وَلَا طَويلا وَلَا عريضاً وَلَا عطشان وَلَا رَيَّان وَلَا جائعاً وَلَا شابعاً وَلَا سميناً وَلَا هزيلاً وَلَا لغوياً وَهَكَذَا كل مَا خلق الله تبَارك وَتَعَالَى فَإِنَّمَا يخبر عَنهُ بِأَنَّهُ تَعَالَى خَالق لَهُ فَقَط وَلَا يُوصف بِشَيْء مِمَّا ذكرنَا إِلَّا من خلقه الله تَعَالَى عرضا فِيهِ واما قَوْلهم لَا يفعل فعل من فاعلين هَذَا فعله كُله وَهَذَا فعله فَإِن هَذَا تحكم ونقصان من الْقِسْمَة أوقعهم فِيهَا جهلهم وتناقضهم وَقَوْلهمْ إِنَّمَا يسْتَدلّ بِالشَّاهِدِ على الغايب وَهَذَا قَول قد أفسدناه فِي كتَابنَا فِي الْأَحْكَام فِي أصُول الْأَحْكَام بِحَمْد الله تَعَالَى ونبين هَا هُنَا فَسَاده بإيجاز فَنَقُول وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق أَنه لَيْسَ عَن الْعقل الَّذِي هُوَ التَّمْيِيز شَيْء غَائِب أصلا وَإِنَّمَا يغيب بعض الْأَشْيَاء من الْحَواس وكل مَا فِي الْعَالم فَهُوَ مشاهده فِي الْعقل الْمَذْكُور لِأَن الْعَالم كُله جَوْهَر حَامِل وَعرض مَحْمُول فِيهِ وَكِلَاهُمَا يَقْتَضِي خَالِقًا أَو لَا وَاحِدًا لَا يُشبههُ شَيْء من خلقه فِي وَجه من الْوُجُوه فَإِن كَانُوا يعنون بالغائب الْبَارِي عز وَجل فقد لزمَه تشبيهه بخلقه إِذْ حكمُوا بتشبيه الْغَائِب بالحاضر وَفِي هَذَا كِفَايَة بل مَا دلّ الشَّاهِد كُله إِلَّا أَن الله تَعَالَى بِخِلَاف كل من خلق من جَمِيع الْوُجُوه وحاشا الله أَن يكون جلّ وَعز غَائِبا بل هُوَ شَاهد بِالْعقلِ كَمَا نشاهد بالحواس كل حَاضر وَلَا فرق بَين صِحَة معرفتنا عز وَجل بِالْمُشَاهَدَةِ بضرورة الْعقل وَبَين صِحَة معرفتنا لسَائِر مَا نشاهده ثمَّ نرْجِع إِن شَاءَ الله تَعَالَى إِلَى إنكارهم فعلا وَاحِدًا من فاعلين فَنَقُول وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق إِنَّمَا امْتنع ذَلِك فِيمَا بَيْننَا فِي الْأَكْثَر لَا على الْعُمُوم لما شَاهَدْنَاهُ من أَنه لَا تكون حَرَكَة وَاحِدَة فِي الْأَغْلَب لمتحركين وَلَا اعْتِقَاد وَاحِد لمعتقدين وَلَا إِرَادَة وَاحِدَة لمريدين وَلَا فكرة وَاحِدَة لمفتكرين وَلَكِن لَو أَخذ اثْنَان سَيْفا وَاحِدًا أَو رمحاً وَاحِدًا فضربا بِهِ إنْسَانا فقطعاه أَو طعناه بِهِ لكَانَتْ حَرَكَة وَاحِدَة غير منقسمة لمتحركين بهَا وفعلاً وَاحِدًا غير منقسم لفاعلين هَذَا أَمر يُشَاهد بالحس والضرورة وَهَذَا مَنْصُوص فِي الْقُرْآن من أنكرهُ كفر وَهُوَ أَن الْقِرَاءَة الْمَشْهُورَة عِنْد الْمُسلمين {إِنَّمَا أَنا رَسُول رَبك لأهب لَك غُلَاما زكيا} وليهب لَك غُلَاما زكيا كلا الْقِرَاءَتَيْن

نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 3  صفحه : 44
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست