responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 3  صفحه : 37
هَذَا فعله كُله أَو هَذَا فعله كُله وَقَالُوا أَيْضا أَنْتُم تَقولُونَ أَن الله تَعَالَى خلق الْفِعْل وَإِن العَبْد اكْتَسبهُ فأخبرونا عَن هَذَا الِاكْتِسَاب الَّذِي انْفَرد بِهِ العَبْد أهوَ خلق أم هُوَ غَيره فَإِن قُلْتُمْ هُوَ خلق الله لزمكم أَنه تَعَالَى اكْتَسبهُ وَأَنه مكتسب لَهُ إِذا لكسب هُوَ الْخلق وَإِن قُلْتُمْ أَن الْكسْب هُوَ غير الْخلق وَلَيْسَ خلقا لله تَعَالَى تركْتُم قَوْلكُم وَرَجَعْتُمْ إِلَى قَوْلنَا وَقَالُوا أَيْضا إِذا كَانَت أفعالكم مخلوقه لله تَعَالَى وَأَنْتُم تَقولُونَ أَنكُمْ مستطيعون على فعلهَا وعَلى تَركهَا فقد أوجبتم أَنكُمْ مستطيعون على أَن لَا يخلق الله تَعَالَى بعض خلقه وَقَالُوا أَيْضا إِذا كَانَ فعلكم خلقا لله تَعَالَى وعذبكم على فعلكم فقد عذبكم على مَا خلق وَقَالُوا أيضاَ قد فرض الله علينا الرِّضَا بِمَا خلق فَإِن كَانَ الظُّلم وَالْكفْر وَالْكذب مِمَّا خلق فَفرض علينا الرِّضَا بالْكفْر وَالظُّلم وَالْكذب
قَالَ أَبُو مُحَمَّد هَذِه عُمْدَة اعتراضاتهم الَّتِي لَا يشذ عَنْهَا شَيْء من تفريعاتهم وكل مَا ذكرُوا لَا حجَّة لَهُم فِيهِ على مَا نبين إِن شَاءَ الله تَعَالَى بعونه وتأييده وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم فَنَقُول وَبِاللَّهِ تَعَالَى نستعين أما قَول الله تَعَالَى {وَيَقُولُونَ هُوَ من عِنْد الله وَمَا هُوَ من عِنْد الله} فَلَا حجَّة لَهُم فِي هَذَا لِأَن أول الْآيَة فِي قوم كتبُوا كتابا وَقَالُوا هَذَا من عِنْد الله فأكذبهم الله تَعَالَى فِي ذَلِك وَاخْبَرْ أَنه لَيْسَ منزلا من عِنْده وَلَا مِمَّا أَمر بِهِ عز وَجل وَلم يقل هَؤُلَاءِ الْقَوْم إِن هَذَا الْكتاب مَخْلُوق فأكذبهم الله تَعَالَى فِي ذَلِك وَقَالَ تَعَالَى إِن ذَلِك الْكتاب لَيْسَ مخلوقاً لله تَعَالَى فَبَطل تعلقهم بِهَذِهِ الْآيَة جملَة وَلَا شكّ عِنْد الْمُعْتَزلَة وَعِنْدنَا فِي أَن ذَلِك الْكتاب مَخْلُوق لله تَعَالَى لِأَنَّهُ قرطاس أَو أَدِيم ومداد وكل ذَلِك مَخْلُوق بِلَا شكّ وَأما قَوْله تبَارك وَتَعَالَى الله أحسن الْخَالِقِينَ فقد علمنَا أَن كَلَام الله تَعَالَى لَا يتعارض وَلَا يتدانع وَقَالَ تَعَالَى {وَلَو كَانَ من عِنْد غير الله لوجدوا فِيهِ اخْتِلَافا كثيرا} فَإِذا لَا شكّ فِي هَذَا فقد وَجَدْنَاهُ تَعَالَى أنكر على الْكَافرين فَقَالَ تَعَالَى {أم جعلُوا لله شُرَكَاء خلقُوا كخلقه فتشابه الْخلق عَلَيْهِم قل الله خَالق كل شَيْء وَهُوَ الْوَاحِد القهار} فَهَذِهِ الْآيَة بيّنت مَا تعلق بِهِ الْمُعْتَزلَة وَذَلِكَ أَن قوما جعلُوا لله شُرَكَاء خلقُوا كخلقه فجعلوهم خالقين فَأنْكر الله تَعَالَى ذَلِك فعلى هَذَا خرج قَوْله تَعَالَى {فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ} كَمَا قَالَ تَعَالَى {يكيدون كيداً وأكيد كيداً} وَقَالَ {ومكروا ومكر الله} وَيبين بطلَان ظنون الْمُعْتَزلَة فِي هَذِه الْآيَة قَول الله تَعَالَى {وَيَوْم يناديهم أَيْن شركائي قَالُوا آذناك مَا منا من شَهِيد} أفيكون مُسلما من أوجب لله تَعَالَى شُرَكَاء من أجل قَول الله تَعَالَى للْكفَّار الَّذين جعلُوا لَهُ شُرَكَاء أَيْن شركائي وَلَا شكّ فِي أَن هَذَا الْخطاب إِنَّمَا خرج جَوَابا عَن إيجابهم لَهُ الشُّرَكَاء تَعَالَى الله عَن ذَلِك وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {ذُقْ إِنَّك أَنْت الْعَزِيز الْكَرِيم} وَقد علمنَا أَن كَلَام الله تَعَالَى كُله هُوَ على حكم ذَلِك المعذب لنَفسِهِ فِي الدُّنْيَا إِنَّه الْعَزِيز الْكَرِيم وَقد علمنَا بضرورة الْعقل وَالنَّص أَنه لَيْسَ لله تَعَالَى شُرَكَاء وَأَنه لَا خَالق غَيره عز وَجل وَأَنه خَالق كل شَيْء فِي الْعَالم من عرض أَو جَوْهَر وَبِهَذَا خرج قَوْله تَعَالَى {أحسن الْخَالِقِينَ} مَعَ قَوْله تَعَالَى {أَفَمَن يخلق كمن لَا يخلق} فَلَو أمكن أَن يكون فِي الْعَالم خَالق غير الله تَعَالَى يخلق شَيْئا لما أنكر ذَلِك عز وَجل إِذْ هُوَ عز وَجل لَا يُنكر وجود الموجودات وَإِنَّمَا يُنكر الْبَاطِل فصح ضَرُورَة لَا شكّ فِيهَا أَنه لَا خَالق غير الله تَعَالَى فَإذْ لَا شكّ فِي هَذَا فَلَيْسَ فِي قَول الله تَعَالَى {أحسن الْخَالِقِينَ} إِثْبَات لِأَن فِي الْعَالم خَالِقًا غير الله تَعَالَى يخلق شَيْئا وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق وَأما قَوْله {وتخلقون إفكاً} وَقَوله تَعَالَى عَن الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام

نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 3  صفحه : 37
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست