responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 3  صفحه : 34
لبعضها لكانوا شُرَكَاء فِي الْخلق ولكانوا قد خلقُوا كخلقة خلق إعْرَاضًا وخلقوا إعْرَاضًا وَهَذَا تَكْذِيب لله تَعَالَى ورد لِلْقُرْآنِ مُجَردا فصح أَنه لَا يخلق شَيْئا غير الله عز وَجل وَحده والخلق هُوَ الاختراع فَالله مخترع أفعالنا كَسَائِر الْأَعْرَاض وَلَا فرق فَإِن نفورا خلق الله تَعَالَى لجَمِيع الْأَعْرَاض لَزِمَهُم أَن يَقُولُوا أَنَّهَا أَفعَال لغير فَاعل أَو أَنَّهَا فعل لمن ظَهرت مِنْهُ من الأجرام الجمادية وَغَيرهَا فَإِن قَالُوا هِيَ أَفعَال لغير فَاعل فَهَذَا قَول أهل الدَّهْر نصا ويكلمون حِينَئِذٍ بِمَا يكلم بِهِ أهل الدَّهْر وَإِن قَالُوا إِنَّهَا أَفعَال الإجرام كَانُوا قد جعلُوا الجمادات فاعلة مخترعة وَهَذَا بَاطِل محَال وَهُوَ أَيْضا غير قَوْلهم فالطبيعة لَا تفعل شَيْئا مخترعة لَهُ وَإِنَّمَا الْفَاعِل لما ظهر مِنْهَا خَالق الطبيعة الْمظهر مِنْهَا مَا ظهر فَهُوَ خَالق الْكل وَلَا بُد وَللَّه الْحَمد وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى {أتعبدون مَا تنحتون وَالله خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ} أَنه خلقنَا وَخلق العيدان والمعادن الَّتِي تعْمل وَهَذَا نَص جلي على أَنه تَعَالَى خلق أَعمالنَا وَقد فسر بَعضهم قَوْله تَعَالَى وَالله خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ مِنْهَا الْأَوْثَان
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَهَذَا كَلَام سخيف دلّ على جهل قَائِله وعناده وانقطاعه لِأَنَّهُ لَا يَقُول أحد فِي اللُّغَة الَّتِي بهَا خوطبنا فِي الْقُرْآن وَبهَا نتفاهم فِيمَا بَيْننَا أَن الْإِنْسَان يعْمل الْعود أَو الْحجر هَذَا مَا لَا يجوز فِي اللُّغَة أصلا وَلَا فِي الْمَعْقُول وَإِنَّمَا يسْتَعْمل ذَلِك مَوْصُولا فَنَقُول عملت هَذَا الْعود صنماً وَهَذَا الْحجر وثناً فَإِنَّمَا بَين تَعَالَى خلقه الصنمية الَّتِي هِيَ شكل الصَّنَم وَنَصّ تَعَالَى على ذَلِك بقوله تَعَالَى {أتعبدون مَا تنحتون وَالله خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ} فَإِنَّمَا عَملنَا النحت بِنَصّ الْآيَة وبضرورة الْمُشَاهدَة فَهِيَ الَّتِي عَملنَا وَهِي الَّتِي أخبرنَا تَعَالَى أَنه خلقهَا
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَقد ذكر عَن كَبِير مِنْهُم وَهُوَ مُحَمَّد بن عبد الله الإسكافي أَنه كَانَ يَقُول أَن الله تَعَالَى لم يخلق العيدان وَلَا الطنابير وَلَا المزامير وَلَقَد يلْزم الْمُعْتَزلَة أَن توافقه على هَذَا لِأَن الْخَشَبَة لَا تسمى عودا وَلَا طنبورا وَلَو حلف إِنْسَان لَا يَشْتَرِي طنبوراً فَاشْترى خشباً لم يَحْنَث وَكَذَلِكَ لَو حلف أَن لَا يَشْتَرِي خشباً فَاشْترى طنبوراً لم يَحْنَث وَلَا يَقع فِي اللُّغَة على الطنبور اسْم خَشَبَة وَقَالَ تَعَالَى {خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض} فَهِيَ مخلوقة بِنَصّ الْقُرْآن وَقد قَالَ بَعضهم إِنَّمَا قَالَ تَعَالَى {خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا فِي سِتَّة أَيَّام} فَكَانَت أَعمال النَّاس مخلوقة فِي تِلْكَ الْأَيَّام
قَالَ أَبُو مُحَمَّد لم ينف الله عز وَجل ان يخلق شَيْئا بعد السِّتَّة أَيَّام بل قد قَالَ عز وَجل {يخلقكم فِي بطُون أُمَّهَاتكُم خلقا من بعد خلق} وَقَالَ تَعَالَى {وَلَقَد خلقنَا الْإِنْسَان من سلالة من طين ثمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَة فِي قَرَار مكين ثمَّ خلقنَا النُّطْفَة علقَة فخلقنا الْعلقَة مُضْغَة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا الْعِظَام لَحْمًا ثمَّ أَنْشَأْنَاهُ خلقا آخر فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ} فَكَانَ هَذَا كُله فِي غير تِلْكَ السِّتَّة الْأَيَّام فَإذْ قد جَاءَ النَّص بِأَن الله تَعَالَى يخلق بعد تِلْكَ الْأَيَّام أبدا وَلَا يزَال يخلق بعد ناشئة الدُّنْيَا ثمَّ لَا يزَال يخلق نعيم أهل الْجنَّة وَعَذَاب أهل النَّار أبدا بِلَا نِهَايَة إِلَّا أَن عُمُوم خلقه تَعَالَى لِلسَّمَوَاتِ وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا بَاقٍ على كل مَوْجُود وَقَالَ بَعضهم لَا نقُول أَن أَعمالنَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض لِأَنَّهَا غير مماسة للسماء وَالْأَرْض
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَهَذَا عين التَّخْلِيط لِأَن الله تَعَالَى لم يشْتَرط المماسة فِي ذَلِك وَقد قَالَ تَعَالَى {والسحاب المسخر بَين السَّمَاء وَالْأَرْض} فصح ان السَّحَاب لَيست مماسة للسماء

نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 3  صفحه : 34
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست