responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 96
اللُّؤْلُؤ فِي مغاصاته فِي بَحر فَارس وبحر الْهِنْد وأنهار بِالْهِنْدِ والصين وَهَذِه فضائح لَا خَفَاء بهَا لم يقلها الله تَعَالَى قطّ وَلَا إِنْسَان يهاب الْكَذِب فَإِن قَالَ قَائِل فقد صَحَّ عَن نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ النّيل والفرات وسيحان وجيحان من أَنهَار الْجنَّة قُلْنَا نعم هَذَا حق لَا شكّ فِيهِ وَمَعْنَاهُ هُوَ على ظَاهره بِلَا تَكْلِيف تَأْوِيل أصلا وَهِي أَسمَاء لأنهار الْجنَّة كالكوثر والسلسبيل فَإِن قيل قد صَحَّ عَنهُ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ مَا بَين بَيْتِي ومنبري رَوْضَة من رياض الْجنَّة وَرُوِيَ عَنهُ مقبري ومنبري رَوْضَة من رياض الْجنَّة قُلْنَا هَذَا حق وَهُوَ من أَعْلَام نبوته لِأَنَّهُ أنذر بمَكَان قَبره فَكَانَ كَمَا قَالَ وَذَلِكَ الْمَكَان لفضله وَفضل الصَّلَاة فِيهِ يُؤَدِّي الْعَمَل فِيهِ إِلَى دُخُول الْجنَّة فَهِيَ رَوْضَة من رياضها وَبَاب من أَبْوَابهَا ومعهود اللُّغَة أَن كل شَيْء فَاضل طيب فَإِنَّهُ يُضَاف إِلَى الْجنَّة ونقول لمن بشرنا بِخَبَر حسن هَذَا من الْجنَّة وَقَالَ الشَّاعِر ... رَوَائِح الْجنَّة فِي الشَّبَاب ... وَلَيْسَ كَذَلِك هَذَا الَّذِي فِي توراة الْيَهُود لِأَن واضعها لم يَدعهَا فِي لَيْسَ من كذبه بل بَين أَنه عَنى النّيل النحيط بِأَرْض زويلة بلد الذَّهَب الْجيد ودجلة الَّتِي بشرقي الْموصل وجيحان الْمُحِيط بِبَلَد الْحَبَشَة الَّتِي لم تخلق بعد فَلم يدع لطَالب تَأْوِيل لكَلَامه حِيلَة وَلَا مخرجا وَأَيْضًا فَإِنَّهُم لَا يُمكنهُم أَلْبَتَّة تَخْرِيج مَا فِي توراتهم المكذوبة على مَا وَصفنَا نَحن الْآن فِي نَص توراتهم أَن الْجنَّة الَّتِي أخرج مِنْهَا آدم لأكله من الشَّجَرَة الَّتِي فِيهَا إِنَّمَا هِيَ شَرْقي عدن فِي الأَرْض لَا فِي السَّمَاء كَمَا نقُول نَحن فثبتت الكذبة لَا مخرج مِنْهَا أصلا وَلَو لم يكن فِي توراتهم إِلَّا هَذِه الكذبة وَحدهَا لكفت فِي بَيَان أَنَّهَا مَوْضُوعَة لم يَأْتِ بهَا مُوسَى قطّ وَلَا هِيَ من عِنْد الله تَعَالَى فَكيف وَلها نَظَائِر ونظائر ونظائر فَإِن قيل فِي الْقُرْآن ذكر سد يَأْجُوج وَمَأْجُوج وَلَا يدْرِي مَكَانَهُ وَلَا مكانهم قُلْنَا مَكَانَهُ مَعْرُوف فِي أقْصَى الشمَال فِي آخر الْمَعْمُور مِنْهُ وَقد ذكر أَمر يَأْجُوج وَمَأْجُوج فِي كتب الْيَهُود الَّتِي يُؤمنُونَ بهَا ويؤمن بهَا النَّصَارَى وَقد ذكر يَأْجُوج وَمَأْجُوج والسد ارسطاطاليس فِي كِتَابه فِي الْحَيَوَان عِنْد كَلَامه على الغرانيق وَقد ذكر سد يَأْجُوج وَمَأْجُوج بطليموس فِي كِتَابه الْمُسَمّى جغرافيا وَذكر طول بِلَادهمْ وعرضها وَقد بعث إِلَيْهِ الواثق أَمِير الْمُؤمنِينَ سَلام الترجمان فِي جمَاعَة مَعَه حَتَّى وقفُوا عَلَيْهِ ذكر ذَلِك أَحْمد بن الطَّبِيب السَّرخسِيّ وَغَيره وَقد ذكره قدامَة بن جَعْفَر وَالنَّاس فهيهات خبر من خبر وَحَتَّى لَو خَفِي مَكَان يَأْجُوج وَمَأْجُوج والسد فَلم يعرف فِي شَيْء من الْمَعْمُور مَكَانَهُ لما ضرّ ذَلِك خبرنَا شَيْئا لِأَنَّهُ كَانَ يكون مَكَانَهُ حِينَئِذٍ خلف خطّ الاسْتوَاء حَيْثُ يكون ميل الشَّمْس ورجوعها وَبعدهَا كَمَا هُوَ فِي الْجِهَة الشمالية بِحَيْثُ تكون الْآفَاق كبعض آفاقنا المسكونة والهواء كهواء بعض الْبِلَاد الَّتِي يُوجد فِيهَا النَّبَات والتناسل وَاعْلَمُوا أَن كل مَا كَانَ فِي عنصر الْإِمْكَان فَادْخُلْهُ مدْخل فِي عنصر الِامْتِنَاع بِلَا برهَان فَهُوَ كَاذِب مُبْطل جَاهِل أَو متجاهل لَا سِيمَا إِذا أخبر بِهِ من قد قَامَ الْبُرْهَان على صدق خَبره وَإِنَّمَا الشَّأْن فِي الْمحَال الْمُمْتَنع الَّتِي تكذبه الْحَواس والعيان أَو بديهة الْعقل فَمن جَاءَ بِهَذَا فَإِنَّمَا جَاءَ ببرهان قَاطع على أَنه كَذَّاب مفتر ونعوذ بِاللَّه من الْبلَاء
فصل

ثمَّ قَالَ وَقَالَ

نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 96
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست