responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 90
فِي حلوقها الزَّيْت فتقوم صحاحاً وَإِنَّمَا كَانَت تكون معْجزَة لَو أَحْيَا عظاماً قد أرمت فَيظْهر نَبَات اللَّحْم عَلَيْهَا فَهَذِهِ كَانَت تكون معْجزَة ظَاهِرَة لَا شكّ فِيهَا وَلَا يقدر غير نَبِي عَلَيْهَا أَلْبَتَّة
وَقد رَأينَا لدبر يلقى فِي المَاء حَتَّى لَا يشك أحد أَنَّهَا ميتَة ثمَّ كُنَّا نضعها للشمس فَلَا تلبث أَن تقوم وَتَطير وَقد بلغنَا مثل ذَلِك فِي الذُّبَاب المسترخي فِي المَاء إِذا ذَر عَلَيْهِ سحق الْآجر الْجَدِيد وآيات الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام لَا تكون من وَرَاء حَائِط وَلَا فِي مَكَان بِعَيْنِه وَلَا من تَحت ستارة وَلَا تكون إِلَّا بادية مكشوفة وَقد فضحت أَنا حِيلَة أبي مُحَمَّد الْمَعْرُوف بالمحرق فِي الْكَلَام المسموع بِحَضْرَتِهِ وَلَا يرى الْمُتَكَلّم وسمت بعض أَصْحَابه أَن يسمعني ذَلِك فِي مَكَان آخر أَو بِحَيْثُ الفضاء دون بُنيان فَامْتنعَ من ذَلِك فظهرت الْحِيلَة وَإِنَّمَا هِيَ قَصَبَة مثقوبة تُوضَع وَرَاء الْحَائِط على شقّ خَفِي وَيتَكَلَّم الَّذِي طرف القصبة على فِيهِ على حِين غَفلَة مِمَّن فِي الْمَسْجِد كَلِمَات يسيرَة الْكَلِمَتَيْنِ وَالثَّلَاث لَا أَكثر من ذَلِك فَلَا يشك من فِي الْبَيْت مَعَ المحرق الملعون فِي أَن الْكَلَام انْدفع بحضرتهم وَكَانَ الْمُتَكَلّم فِي ذَلِك مُحَمَّد بن عبد الله الْكَاتِب صَاحبه فَإِن اعْترض معترض بقوله تَعَالَى {وَمَا منعنَا أَن نرسل بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كذب بهَا الْأَولونَ} قيل لَهُ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق هَذَا يخرج على وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن معنى قَوْله تَعَالَى {وَمَا منعنَا أَن نرسل بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كذب بهَا الْأَولونَ} إِنَّمَا هُوَ على معنى التبكيت لمن قَالَ ذَلِك وَأورد تَعَالَى كَلَامهم وَحذف ألف الِاسْتِفْهَام وَهَذَا مَوْجُود فِي كَلَام الْعَرَب كثيرا وَالثَّانِي أَنه إِنَّمَا عَنى تَعَالَى بذلك الْآيَات المشترطة فِي الرقي إِلَى السَّمَاء وَأَن يكون مَعَه ملك وَمَا أشبه وَهَذَا لَيْسَ على الله تَعَالَى شَرط لأحد
قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ وَالْقَوْل الأول هُوَ جَوَابنَا لِأَن الله تَعَالَى لَا شَيْء يمنعهُ عَمَّا يُرِيد وَكَذَلِكَ إِن اعْترض معترض بقول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من الْأَنْبِيَاء إِلَّا من قد أُوتِيَ مَا على مثله آمن الْبشر وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتهُ وَحيا أُوحِي إِلَيّ وَإِنِّي لأرجو أَن أكون أَكْثَرهم تبعا يَوْم الْقِيَامَة قيل لَهُم وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق إِنَّمَا عَنى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا القَوْل آيَته الْكُبْرَى الثَّابِتَة الْبَاقِيَة أَبَد الآباد الَّتِي هِيَ أول معجزته حِين بعث وَهِي الْقُرْآن لبَقَاء هَذِه الْآيَة على الآباد وَإِنَّمَا جعلهَا عَلَيْهِ السَّلَام بِخِلَاف سَائِر آيَات الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام لِأَن تِلْكَ الْآيَات يَسْتَوِي فِي معرفَة إعجازها الْعَالم وَالْجَاهِل وَأما إعجاز الْقُرْآن فَإِنَّمَا يعرفهُ الْعلمَاء بلغَة الْعَرَب ثمَّ يعرفهُ سَائِر النَّاس بأخبار الْعلمَاء لَهُم بذلك مَعَ مَا فِي التَّوْرَاة من الْإِنْذَار الْبَين برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَوْله تَعَالَى فِيهَا سأقيم لبني إِسْرَائِيل نَبيا من إِخْوَتهم أجعَل على لِسَانه كَلَامي فَمن عَصَاهُ انتقمت مِنْهُ
قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ وَلم تكن هَذِه الصّفة لغير مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وإخوة بني إِسْرَائِيل هم بنوا إِسْمَاعِيل وَقَوله فِي السّفر الْخَامِس مِنْهَا جَاءَ الله من سيناء وأشرق من ساعير واستعلن من جبال فاران
قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ وسيناء هُوَ مَوضِع مبعث مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام بِلَا شكّ وساعير هُوَ مَوضِع مبعث عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وفاران بِلَا شكّ هِيَ مَكَّة مَوضِع مبعث مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيَان ذَلِك أَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام أسكن إِسْمَاعِيل فاران وَلَا خلاف بَين أحد فِي أَنه إِنَّمَا أسْكنهُ مَكَّة فَهَذَا نَص على مبعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والرؤيا الَّتِي فَسرهَا دانيال

نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 90
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست