responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 74
رفع كل إِشْكَال أَن تِلْكَ الطَّاعَة من السَّمَوَات وَالْأَرْض إِنَّمَا هِيَ تصرفه لَهَا وقضاؤه تَعَالَى إياهن سبع سموات ووحيه فِي كل سماءٍ أمرهَا فصح قَوْلنَا نصاجليا بِبَيَان الله تَعَالَى لذَلِك وَالْحَمْد الله رب الْعَالمين وَصَحَّ بِهَذَا إباية السَّمَوَات ولأرض وَالْجِبَال من قبُول الْأَمَانَة إِنَّمَا هُوَ لماركبها الله تَعَالَى عَلَيْهِ من الجمادية وَعدم التَّمْيِيز وَقد علم كل ذِي عقل امْتنَاع قبُول مَا هَذِه صفته للشرائع والأوامر والنواهي وَقد ذمّ الله تَعَالَى من ينعق بِمَا لَا يسمع إِلَّا دعاءونداء وَلَا يحل لمُسلم أَن ينْسب إِلَى الله تَعَالَى فعلا ذمه
وَالْوَجْه الثَّالِث أَن يكون الله تَعَالَى عَنى بقوله وَإِن مِنْهَا لما يهْبط من خشيَة الله الْجَبَل الي صَار دكاً إِذْ تجلى الله تَعَالَى لَهُ يَوْم سَأَلَهُ كليمه عَلَيْهِ السَّلَام الرُّؤْيَة فَذَلِك الْجَبَل بِلَا شكّ من جملَة الْحِجَارَة وَقد هَبَط عَن مَكَانَهُ من خشيَة الله تَعَالَى وَهَذِه معْجزَة وَآيَة وإحالة طبيعة فِي ذَلِك الْجَبَل خَاصَّة وَيكون يهْبط بِمَعْنى هَبَط كَمَا قَالَ الله عز وَجل {وَإِذ يمكر بك الَّذين كفرُوا} وَمَعْنَاهُ بِلَا شكّ وَإِذ مكر وَبَين قَوْله تَعَالَى مُصدقا إِبْرَاهِيم خَلِيله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي إِنْكَاره على أَبِيه عبَادَة الْحِجَارَة لم تعبد مَا يسمع وَلَا يبصر وَقَوله تَعَالَى {أم اتَّخذُوا من دون الله شُفَعَاء قل أولو كَانُوا لَا يملكُونَ شَيْئا وَلَا يعْقلُونَ} مَا هِيَ عَلَيْهِ من الجمادية وَعدم التَّمْيِيز
قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ فصح بِهَذَا صِحَة لَا مجَال للشَّكّ فِيهَا أَن الْحِجَارَة لَا تعقل لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي كَانُوا لَا يعْبدُونَ مِمَّا لَا يعقل وَأما سَائِر مَا كَانُوا يعْبدُونَ من الْمَلَائِكَة والمسيح وَأمه عَلَيْهِمَا السَّلَام وَمن الْجِنّ فَكل هَؤُلَاءِ عاقلون مميزون فَلم يبْق إِلَّا الْحِجَارَة فصح بِالنَّصِّ أَنَّهَا لَا تعقل وَإِذ تَيَقّن ذَلِك بِالنَّصِّ وبالضرورة وبالمشاهدة فقد انْتَفَى عَنْهَا النُّطْق والتمييز والخشية الْمَعْهُود كل ذَلِك عندنَا وَهَذَا نَص قَوْلنَا وَالْحَمْد الله رب الْعَالمين
وَأما الْأَحَادِيث المأثورة فِي أَن الْحجر لَهُ لِسَان وشفتان والكعبة كَذَلِك وَأَن الْجبَال تطاولت وخشع جبل كَذَا فخرافات مَوْضُوعَة نقلهَا كل كَذَّاب وَضَعِيف لَا يَصح شَيْء مِنْهَا من طَرِيق الْإِسْنَاد أصلا وَيَكْفِي من التَّطْوِيل فِي ذَلِك أَنه لم يدْخل شَيْئا مِنْهَا من انتدب من الْأَئِمَّة لصبيف الصَّحِيح من الحَدِيث أوما يستجاز رِوَايَته مِمَّا يُقَارب الصِّحَّة
قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ وكل من يخالفنا فِي هَذَا فَإِنَّهُ إِذا أقرّ لنا أَن القَوْل الْمَذْكُور فِي الْآيَات الَّتِي تلونا وَالسُّجُود وَالتَّسْبِيح والحشية لَيْسَ شَيْء مِنْهُ على الصّفة الْمَعْهُودَة بَيْننَا فقد وَافَقنَا أحب أَو كره وهم كلهم مقرون بذلك وَقد جَاءَ ذَلِك فِي أشعار الْعَرَب
قَالَ الشَّاعِر ... شكى الى جمل طول السرى ... وَقَالَ آخر ... فَقَالَت لَهُ العينان سمعا وَطَاعَة ... وَقَالَ الرَّاعِي ... قلق الفؤوس إِذا أردن نصولا ...
وَمن هَذَا الْبَاب قَوْله تَعَالَى {جداراً يُرِيد أَن ينْقض} وَهَذَا بِلَا شكّ غير الْإِرَادَة الْمَعْهُودَة من الْحَيَوَان فصح قَوْلنَا بِالنَّصِّ والضرورة وَالْحَمْد الله رب الْعَالمين وَأما قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم يقْتَصّ للشاه الْجَمَّاء من الشَّاة القرناء فقد قَالَ الله تَعَالَى {وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض وَلَا طَائِر يطير بجناحيه إِلَّا أُمَم أمثالكم مَا فرطنا فِي الْكتاب من شَيْء ثمَّ إِلَى رَبهم يحشرون} وَقَالَ تَعَالَى {وَإِذا الوحوش حشرت} فصح أَنَّهَا تحْشر بِلَا شكّ ويسلط الله تَعَالَى مَا يَشَاء

نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 74
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست