responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 62
أَو يُلْهمُون ذَلِك وَفِي هَذَا من بطلَان الدَّعْوَى مَا لَا خَفَاء بِهِ وَكَانَ مِمَّا اعْترض بِهِ أَن ذكر الجزائر المنقطعة فِي الْبحار وَأَنه يُوجد فِيهَا النَّمْل والحشرات وَكثير من الطير وَكثير من حشرات الأَرْض فَقلت إِن كل ذَلِك لَا يُنكر ذُو حس دُخُوله فِي جملَة رحالات الْمُسَافِرين الداخلين إِلَى تِلْكَ الْبِلَاد فقد شاهدنا دُخُول الفيران فِي جملَة الرحل كَذَلِك وَلَيْسَ فِي ذَلِك مَا يُوجب مَا ذكرت أصلا مَعَ أَن الْحَيَوَان نَوْعَانِ
نوع متولد يخلقه الله تَعَالَى من عفونات الْأَبدَان وعفونات الأَرْض فَهَذَا لَا يُنكر تولده بإحداث الله تَعَالَى فِي كل حِين
وَقسم آخر متوالد قد رتب الله تَعَالَى بنية الْعَالم أَنه لَا يخلقه إِلَّا عَن مني ذكر وَأُنْثَى فَهَذَا هُوَ الَّذِي صَار فِي تِلْكَ الجزائر عَن دُخُول إِلَيْهَا بِلَا شكّ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق
وَمَا ننكر فِي كل نوع مَا عدا الْإِنْسَان أَن يخلق الله مِنْهُ أَكثر من اثْنَيْنِ فَهَذَا مُمكن فِي قدرَة الله تَعَالَى وَلم يَأْتِ خبر صَادِق بِخِلَافِهِ لِأَن الله تَعَالَى قد قَالَ فِي أَمر نوح عَلَيْهِ السَّلَام وسفينته حِين الطوفان {احْمِلْ فِيهَا من كل زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأهْلك إِلَّا من سبق عَلَيْهِ القَوْل} وَمَعَ هَذَا فقد يُمكن أَن يكون نوح عَلَيْهِ السَّلَام مَأْمُورا بِأَن يحمل من كل زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَلَا يمْنَع ذَلِك من بَقَاء بعض أَنْوَاع نَبَات المَاء وحيوانه فِي غير السَّفِينَة وَالله أعلم وَإِنَّمَا نقُول فِيمَا لَا يُخرجهُ الْعقل إِلَى الْوُجُوب والامتناع بِمَا جَاءَت بِهِ النُّبُوَّة فَقَط وبرهان آخر وَهُوَ أَنه لَو كَانَ إِخْرَاج الله تَعَالَى لكل مَا فِي الْعَالم من الْمَعْلُوم وَالْعُلَمَاء بهَا والصناعات والصانعين لَهَا دفْعَة وَاحِدَة لَكَانَ ذَلِك بضرورة الْعقل وأوله لَا يَخْلُو من أحد وَجْهَيْن لَا ثَالِث لَهما إِمَّا أَن يكون ذَلِك بِوَحْي من إِعْلَام وتوقيف مِنْهُ تَعَالَى وَإِمَّا بطبع مركب فيهم يَقْتَضِي لَهُم مَا علمُوا من ذَلِك وَمَا صَنَعُوا فَإِن كَانَ بِوَحْي إِعْلَام وتوقيف فقد صحت النُّبُوَّة لجميعهم إِذْ لَيست النُّبُوَّة معنى غير هَذَا وَهَذِه دَعْوَى مِمَّن قَالَ بِهَذَا القَوْل بِلَا دَلِيل وَمَا لَا دَلِيل عَلَيْهِ فَهُوَ بَاطِل لَا يجوز القَوْل بِهِ لَا سِيمَا والقائلون بهَا منكرون للنبوة فلاح تنَاقض قَوْلهم وَإِن كَانَ كل ذَلِك عَن طبيعية تَقْتَضِي لَهُم كَونهم عَالمين بالعلوم متكلمين باللغة متصرفين فِي الصناعات بِلَا تَعْلِيم وَلَا تَوْقِيف فَهَذَا محَال ضَرُورَة وممتنع فِي الْعقل وَفِي الطبيعة إِذْ لَو كَانَ ذَلِك لوجدوا أبدا كَذَلِك إِذْ الطبيعة وَاحِدَة لَا تخْتَلف وبالضرورة نَدْرِي أَنه لَا يُوجد أحد أبدا فِي شَيْء من الْأَزْمَان وَلَا فِي مَكَان أصلا يَأْتِي بِعلم من الْعُلُوم لم يُعلمهُ إِيَّاه أحد وَلَا يتَكَلَّم بلغَة لم يُعلمهُ إِيَّاهَا أحد وَلَا بصناعة من الصناعات لم يوقفه عَلَيْهَا أحد
وبرهان ذَلِك مَا قدمنَا قبل من أَن الْبِلَاد الَّتِي لَيست فِيهَا الْعُلُوم وَأكْثر الصناعات كأرض الصقالبة والسودان والبوادي الَّتِي فِي خلال المدن لَيْسَ يُوجد فِيهَا أبدا أحد يدْرِي شَيْئا من الْعُلُوم وَلَا من الصناعات حَتَّى يُعلمهُ ذَلِك معلم وَأَنه لَا ينْطق أحد حَتَّى يُعلمهُ معلم فَظهر فَسَاد هَذَا القَوْل ببرهان وَقبل الْبُرْهَان بتعريه من الْبُرْهَان

نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم    جلد : 1  صفحه : 62
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست