نام کتاب : الرد على الجهمية والزنادقة نویسنده : أحمد بن حنبل جلد : 1 صفحه : 167
= غمامتان، فأخطأ في تأويله، وإنما عنى في هذه الأحاديث في قوله: يجيء القرآن وتجيء البقرة وتجيء الصلاة ويجيء الصيام ويجيء ثواب ذلك كله، وكل هذا مبين في الكتاب والسنة.
قال الله عز وجل: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه} [الزلزلة: 7، 8] فظاهر اللفظ من هذا أنه يرى الخير والشر، ليس يرى الخير والشر، وإنما يرى ثوابهما والجزاء عليهما من الثواب والعقاب. كما قال عز وجل: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا} [آل عمران: 30] وليس يعني أنها تلك الأعمال التي عملتها بهيئتها وكما عملتها من الشر، وإنما تجد الجزاء على ذلك من الثواب والعقاب. كما قال تعالى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ} [النساء: 123] فيجوز في الكلام أن يقال: يجيء القرآن وتجيء الصلاة وتجيء الزكاة، يجيء الصبر، يجيء الشكر، وإنما يجيء ثواب ذلك كله، يجزى من عمل الشيء بالسوء، ألا ترى إلى قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه} أَفَتَرَى يرى السرقة والزنا وشرب الخمر وسائر أعمال المعاصي إنما يرى العقاب والعذاب عليهما، وبيان هذا وأمثاله في القرآن كثير.
وأما ما جاءت به السنة فقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ظل المؤمن صدقته" فلا شيء أبين من هذا، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كل معروف صدقة فإرشادك الضالة صدقة وتحيتك لأخيك بالسلام صدقة، وأن تلقى أخاك بوجه منبسط صدقة" "وأمرك بالمعروف صدقة، ونهيك عن المنكر صدقة، ومباضعتك لأهلك صدقة"، فكيف يكون الإنسان يوم القيامة في ظل مباضعته لأهله؟ إنما عنى بذلك كله ثواب صدقته، أليس قد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من أحب أن يظله الله تعالى في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، فلينظر معسرًا أو ليدع له" فأعلمك أن الظل من ثواب الأعمال.
نام کتاب : الرد على الجهمية والزنادقة نویسنده : أحمد بن حنبل جلد : 1 صفحه : 167