الحكاية الأولى
ابن الكريتي ومرقعته، قال الحافظ أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي في كتابه تلبيس إبليس على الطوائف المختلفة بسنده إلى نصر عبد الله السراج ذكر عن ابن الكريتي وكان أستاذ الجنيد أنه أصابته جنابة وكان عليه مرقعة ثخينة فجاء إلى شاطئ دجلة والبرد الشديد فحزنت نفسه عن الدخول في الماء لشدة البرد فطرح نفسه في الماء مع المرقعة ولم يزل يغوص ثم خرج، وقال عقدت ألا أنزعها عن بدني حتى تجف عليّ فلم تجف عليه شهرا، ثم روى الحكاية بسند آخر إلى الجنيد قال سمعت أبا جعفر ابن الكريتي يقول: أصبت ليلة جنابة فاحتجت أن أغتسل وكانت ليلة باردة فوجدت في نفسي تأخرا وحدثتني نفسي لو تركت حتى تصبح يسخن لك الماء أو تدخل حماما وإلا اعبأ على نفسك، فقلت واعجبا أنا أعامل الله في طول عمري يجب على حق لا أجد المسارعة إليه، وأجد الوقوف والتباطؤ والتأخر، آليت لا أغتسل إلا في نهر وآليت لا أغتسل إلا في مرقعتي هذه، وآليت لا أعصرها وآليت لا أجففها في شمس أو كما قال، ثم قال ابن الجوزي: وكان وزن كُم هذه المرقعة وحده أحد عشر رطلا، قال محمد تقي الدين الهلالي الرطل اثنتا عشرة أوقية، والأوقية أربعون درهما، فإذا كان كُم المرقعة يزن أحد عشر رطلا، والكم الثاني مثله يصير الكمان فقط اثنين وعشرين رطلا، ونسبة الكمين إلى الجبة كلها نجعلها ربعا فيكون وزن الجبة ثمانية وثمانون رطلا، فإذا غمست في الماء يعلق بها من الماء مثل ذلك.
ونترك التعليق للحافظ ابن الجوزي، قال الحافظ ابن الجوزي بعد ذكر هذه الحكاية التي رواها بإسنادين اثنين ما نصه: وإنما ذكر للناس أني فعلت الحسن الجميل وحكوه عنه ليبين فضله، وذلك جهم محض لأن هذا الرجل عصى الله سبحانه وتعالى بما فعل، وإنما يعجب هذا الفعل العوام الحمقى لا العلماء، ولا يجوز لأحد أن يعاقب نفسه، فقد جمع هذا المسكين لنفسه فنونا من التعذيب.. إلقاؤها في الماء