الأمر الذي يتطلب السعي الحثيث للقضاء على هذه الدعوة المتمردة قبل استفحالها وتعاظم خطرها، وحتى لا يصبح من العسير بعد ذلك إبادتها.
فاستخدمت لتحقيق هدفها ما استطاعت من ضروب الحيل والمكر والتأليب، ونجحت في قتل قائدها الفذُّ عبد العزيز بن محمد بن سعود غيلة [1] . لكن تلك الجريمة البشعة، لم تُفلح في إيقاف نجاح الدعوة أو كبح جماحها. ولهذا تيقنت الدولة العثمانية ومن ورائها الدول الاستعمارية الغادرة أنه لا مناص من البحث عن وسيلة قادرة على حسم الموقف. فلم تجد أفضل من خادمها محمد علي. حيث رأى في تنامي هذه الحركة ما يهدده، وخشي أن تؤثر على سلطانه المتهالك: يبث تلك الروح الجديدة بين رعاياه عن طريق الاتصال بهم في مواسم الحج. إلى جانب ما كان يتطلع إليه من مد دولته وتوسيع حدودها، فجندته لتحطيم الدعوة وسحقها.
ولم يتورع قط عن ارتكاب أبشع الجرائم في سبيل أطماعه وشهواته المريضة.
وليس بوسعنا الآن التعرض لمظالمه وفظائعه، التي تقشعر منها الأبدان. أو التطرق للمخازي التي اقترفها في نجد، مما يمكن أن يوصف بالوحشية والبربرية وما شئت من أوصاف.
وبمقدورنا تبين حجم ما فعله هذا المسخ المشوه بأمته - إن كان ثمة دين يربطه بهذه الأمة - من البهجة والسرور الذين استقبلت بهما [1] كان ذلك بواسطة أحد العملاء الجبناء (درويش) ، الذي انقض عليه وهو ساجدٌ أثناء صلاة العصر في مسجد الطريف بالدرعية في العشر الأواخر من شهر رجب سنة ثمان عشرة بعد المائتين والألف. "عنوان المجد" (1/264) .