يخرجه من بيته إلاجهاد في سبيل الله، وتصديق كلمته بأن يدخد الجنة، أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر أو غنيمة" [1].
والأحاديث التي تدل على ثبوت هذه الصفة كثيرة جداً، وقد أورد البيهقي - رحمه الله - عدداً كبيراً منها. وأولى هذه الصفة عناية خاصة. ونظراً لفرط اهتمامه بها، وتشعب الكلام فيها، ومكانتها من مسألة القول بخلق القرآن، التي تعتبر من أخطر القضايا التي احتدم النزاع فيها بين المعتزلة من جهة، والأشاعرة والسلف من جهة أخرى نظراً لذلك كله سأفرد هذه الصفة بالبحث في فصل مستقل، وذلك بعد الفراغ من بحث الصفات العقلية بنوعيها إن شاء الله.
وقصارى القول: أن هذه الصفات السبع قد أولاها البيهقي عناية كبيرة، فدلل على ثبوتها عقلاً ونقلاً، وقد رأيت أن يكون إيرادي لأدلته النقلية فيما سبق محض تمثيل، ليكون القارىء على بصيرة من المنهج الذي سلكه لإثباتها، ولأن محاولة الإتيان على جميع الأدلة النقلية التي أوردها لهذا الغرض يطول علينا الكلام، مع أن آية واحدة أو حديثاً صحيحاً واحداً كاف لإثبات الصفة التي ورد بها.
وغرضي من الطريقة التي سرت عليها هنا هو بيان منهجه السلفي الذي سلكه لإثبات هذه الصفات.
بقي هنا عرض الجانب الآخر من استدلال البيهقي وهو الجانب العقلي، إذ سبق أن عرفنا تسميته لهذه الصفات عقلية لثبوتها بالعقل أيضاً. [1] الأسماء والصفات ص: 182-183. والحديث متفق عليه. انظر: صحيح البخاري مع شرحه حديث رقم: 7463، 13/444. وصحيح مسلم رقم: 1876، 3/1496.