الغذاء، وكبد يسلك إليها صفوه، وعروق ومعابر تنفذ فيها إلى الأطراف، وأمعاء يرسب إليها ثقل الطعام، ويبرز عن أسفل البدن فيستدل بها على أن لها صانعاً حكيماً، عالماً قديراً"[1].
وهناك ظاهرة أخرى يلاحظها البيهقي في جسد الإنسان وهي وجود المتضادات والمتنافرات مجتمعة فيه من حرارة، وبرودة ورطوبة ويبوسة ورأى ذلك دليلاً حياً على أن هناك من قدر اجتماعها في بدن الإنسان، مع أنها من المتضادات التي لا يمكن لمخلوق أن يجمع بينها، وفي بيان ذلك يقول البيهقي: "ثم إنا رأينا أشياء متضادة من شأنها التنافر والتباين والتفاسد، مجموعة في بدن الإنسان، وأبدان سائر الحيوان، وهي الحرارة، والبرودة، والرطوبة، واليبوسة، فقلنا إن جامعاً جمعها وقهرها على الاجتماع، وأقامها بلطفه، ولولا ذلك لتنافرت، ولتفاسدت، ولو جاز أن تجتمع المتضادات المتنافرات، وتتقاوم من غير جامع يجمعها، لجاز أن يجتمع الماء والنار، ويتقاوما من ذاتهما من غير جامع يجمعهما، ومقيم يقيمهما، وهذا محال لا يتوهم، فثبت أن اجتماعها إنما كان بجامع قهرها على الاجتماع والالتئام، وهو الله الواحد القهار"[2].
وهذا النوع من الاستدلال أشار إليه القرآن الكريم بقوله سبحانه: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ} [3]. [1] الاعتقاد ص:8. [2] الاعتقاد ص:8. [3] سورة يس آية: 80.