ولسنا بحاجة إلى بيان هذه الطرق جميعها، فإن فيها كلاماً كثيراً لا موضع له هنا، وحسبنا أن نشير إلى أن المتكلمين جميعاً بنوا رأيهم في إثبات وجود الله تعالى على حدوث العالم، ذهاباً منهم إلى أن الحدوث هو العلة المحوجة إلى المؤثر، وأنه إذا ثبت أن العالم حادث، كان لا بد له من محدث يخرجه من حيز العدم إلى حيز الوجود وسيأتي لهذا الدليل مزيد بيان - إن شاء الله - حيث إنه من الأدلة التي سلكها البيهقي، لاقتناعه بصحتها.
2 - الفلاسفة:
وقد سلكوا في إثبات وجود الله تعالى طريق الوجوب والإمكان وقسموا الموجودات إلى واجب، وممكن، بدلاً من قديم وحادث، وذلك نظراً لأنهم لا يقولون بحدوث العالم، فاستدلوا بالإمكان بدل الحدوث، وقد لخص صاحب المواقف هذا الاستدلال فقال: "المسلك الثاني: للحكماء وهو أن - في الواقع - موجوداً، فإن كان واجباً فذاك، وإن كان ممكناً احتاج إلى مؤثر، ولا بد من الانتهاء إلى الواجب وإلا لزم الدور أو التسلسل"[1]. وهذا محال.
وليس هذا محل تفصيل لهذا الدليل فأكتفي بما أوردته من تلخيص الإيجي له، ومن أراد المزيد فعليه بإشارات ابن سينا الذي استوفى تفصيله هناك[2]. [1] المواقف ص:8. [2] انظر: الإشارات والتنبيهات لابن سينا3/447-445.