نام کتاب : البراهين الإسلامية في رد الشبهة الفارسية نویسنده : آل الشيخ، عبد اللطيف جلد : 1 صفحه : 83
وذلك ونحوه داخل في عموم قوله تعالى: {إِلَّا بِمَا شَاءَ} ، وقد دخل فيه ما يحصل للأنبياء بواسطة وبغير واسطة، وكذلك لا يقال: إن أحدا ثبت له هذا بجميع أنواع الغيب كلية وجزئية لأن ذلك لا يكون إلا لله كما قال عن الملائكة: {سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} (1) ، وقال عن المسيح: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [2] ، وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [3] .
=أن يظفروا به من وراء الجبل بندائه سارية باللجوء إلى الجبل بمن معه من الجيش ليتحصنوا به من العدو وقد حقق الله له ذلك بعلمه وكرمه وحكمته ولكن لا تدل هذه القصة على علمه رضي الله عنه الغيب مما يختص الله به أو يخص به أنبياءه وإنما تدل على ما كشف الله له في تلك الحالة الطارئة التي أراد الله فيها أن ينجد أولياءه الذين بذلوا أرواحهم لإعلاء كلمة الله بما عرض عليه من تلك الحادثة الغريبة نصرا لأوليائه وكبتا لأعدائه، بل إنما هذا الحادث الجلل من الإلهام الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "لقد كان فيما قبلكم من الأمم أناس محدثون فإن يك في أمتي أحد فإنه عمر" رواه الشيخان وروى البخاري من رواية أبي هريرة ومسلم ومن رواية عائشة رضي الله عنهما قال ابن وهب (محدثون) أي: ملهمون.
ولو لم نذهب إلى هذا الرأي لجاز لنا أن نجعل المستثنين من قوله تعالى: {فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} (الجن:27) وقوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ} (آل عمران:179) الأنبياء وغيرهم من أفراد الناس وهذه دعوى بلا دليل.
وأما ما يكرم الله به عباده الصالحين المستقيمين من الخوارق للعادة كالأمثلة السابقة فأمر ثابت بالكتاب والسنة.
وهذا يتناول عدة جوانب من استجابة الدعاء لهم بإعطائهم عين ما يطلبونه، وتقوية قلوبهم وشد عزائمهم على اقتحام المخاطر ثقة بنصر الله، والذود عنهم كما حمى الله عاصم بن ثابت من قطع العدو رأسه بإرسال الدبر عليهم ولم يستطيعوا أن يعملوا به شيأ لحماية الله إياه مع كون ذلك غاية أمانيهم حيث أن عاصما قتل من عظمائهم، وسوق الأرزاق العجيبة إليهم كما رزق خبيبا قطيفا من العنب في غير أوانه فصار عجبا للذين رأوا ذلك. (1) سورة البقرة: رقم الآية 32. [2] سورة المائدة: من الآية 116. [3] سورة الأعراف: رقم الآية 188.
نام کتاب : البراهين الإسلامية في رد الشبهة الفارسية نویسنده : آل الشيخ، عبد اللطيف جلد : 1 صفحه : 83