نام کتاب : البراهين الإسلامية في رد الشبهة الفارسية نویسنده : آل الشيخ، عبد اللطيف جلد : 1 صفحه : 80
أحد من خلقه على شيء من علمه إلا بما أطلعه تعالى عليه ولهذا قال: {فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [1] ، وهذا الرسول ملكي وبشري [2] ، ثم قال تعالى: {إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً} ، أي يختصه بمزيد معقبات من الملائكة ليحفظوه من أمر الله ويساوموه على ما معه من وحي الله ولهذا قال: {لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً} ، ثم ذكر الأقوال في مرجع الضمير في قوله: {لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ} ، قلت: فتأمل سياق الآية فإنه بدأ [3] الكلام بقول: {قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ} ، فنفى من علمه بقرب ما يوعدون وهو الساعة وذكر بعد هذا علمه تعالى، وأنه لا يظهر عليه أحدا من خلقه إلا من ارتضى من رسول ملكي أو بشري، وذكر الحرس والرصد الذين يكونون بين يديه ومن خلفه وهم المعقبات الذين يحفظونه من أمر الله، ثم قال: {لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ} ، فعقد السياق فيه دلالة وبيان للمعنى المراد من الاستثناء وأن ذلك هو وحيه الذي يوحيه إلى رسله من كلامه ورسالته وهي بالنسبة إلى علم الله كنقطة من بحار الدنيا في جنب تلك البحار.
وأعظم من ذلك قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [4] . [1] ويدل على ذلك أيضا قوله تعالى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} (آل عمران:179) [2] في الأصل الملكي والبشري معرفين ولعل الصواب ما أثبتناه لألا يتوهم أنهما تابعان ولكنهما خبران عن اسم إشارة. [3] في الأصل (أبدأ) ولكنني بدا لي أن الأفصح بدأ حيث أنه هو اللفظ الذي ورد في القرآن كثيرا وأما أبدأ فجاء مضارعه في القرآن مثل قوله: {قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} (سبأ:49) ، ولم أر فيما علمته ماضيه فيه ولذا فضلت بوارد وأما من ناحية اللغة فلا شك في فصاحته لأنه جاء مضارعه في كتاب الله. [4] سورة لقمان: رقم الآية 27.
نام کتاب : البراهين الإسلامية في رد الشبهة الفارسية نویسنده : آل الشيخ، عبد اللطيف جلد : 1 صفحه : 80