نام کتاب : الإيمان نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 49
وقوله: {وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ} وهو إنما يخاطب الموجودين في زمانه بعد النسخ والتبديل يدل على أن من دان بدين اليهود والنصارى، فهو من الذين أوتوا الكتاب، لا يختص هذا اللفظ بمن كانوا متمسكين به قبل النسخ والتبديل، ولا فرق بين أولادهم وأولاد غيرهم، فإن أولادهم إذا كانوا بعد النسخ والتبديل ممن أوتوا الكتاب، فكذلك غيرهم إذا كانوا كلهم كفاراً، وقد جعلهم الذين أوتوا الكتاب بقوله: {وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ} [آل عمران: 20] ، وهو لا يخاطب بذلك إلا من بلغته رسالته، لا من مات؛ فدل ذلك على أن قوله: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ} [المائدة: 5] يتناول هؤلاء كلهم، كما هو مذهب الجمهور من السلف والخلف، وهو مذهب مالك، وأبي حنيفة، وهو المنصوص عن أحمد في عامة أجوبته، لم يختلف كلامه إلا في نصارى بني تغلب، وآخر الروايتين عنه: أنهم تباح نساؤهم وذبائحهم، كما هو قول جمهور الصحابة.
وقوله في الرواية الأخرى: لا تباح متابعة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه لم يكن لأجل النسب، بل لكونهم لم يدخلوا في دين أهل الكتاب إلا فيما يشتهونه من شرب الخمر ونحوه، ولكن بعض التابعين ظن أن ذلك لأجل النسب، كما نقل عن عطاء، وقال به الشافعي ومن وافقه من أصحاب أحمد، وفَرَّعُوا على ذلك فروعاً، كمن كان أحد أبويه كتابياً والآخر ليس بكتابي ونحو ذلك، حتى لا يوجد في طائفة من كتب أصحاب أحمد إلا هذا القول، وهو خطأ على مذهبه، مخالف لنصوصه، لم يعلق الحكم بالنسب في مثل هذا البتة كما قد بسط في موضعه.
ولفظ [المشركين] يذكر مفرداً في مثل قوله: {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] ، وهل يتناول أهل الكتاب؟ فيه قولان مشهوران للسلف والخلف. والذين قالوا: بأنها تعم، منهم من قال: هي محكمة، كابن عمر والجمهور الذين يبيحون نكاح الكتابيات؛ كما ذكره الله في آية المائدة، وهي متأخرة عن هذه. ومنهم من يقول: نسخ منها تحريم نكاح الكتابيات. ومنهم من يقول: بل هو مخصوص لم يرد باللفظ العام، وقد أنزل الله تعالى بعد صلح
نام کتاب : الإيمان نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 49