نام کتاب : الإيمان نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 45
فإذا خاض فيما لا يعنيه، نقص من حسن إسلامه، فكان هذا عليه، إذ ليس من شرط ما هو عليه، أن يكونه مستحقاً لعذاب جهنم وغضب الله، بل نقص قدره ودرجته عليه.
ولهذا قال تعالى: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة: 286] . فما يعمل أحد إلا عليه أو له، فإن كان مما أمر به، كان له. وإلا كان عليه ولو أنه ينقص قدره. والنفس طبعها الحركة لا تسكن قط، لكن قد عفا الله عما حدث به المؤمنون أنفسهم ما لم يتكلموا به أو يعملوا به، فإذا عملوا به دخل في الأمر والنهي. فإذا كان الله قد كره إلى المؤمنين جميع المعاصي، وهو قد حبب إليهم الإيمان الذي يقتضي جميع الطاعات، إذا لم يعارضه ضد باتفاق الناس، فإن المرجئة لا تنازع في أن الإيمان الذي في القلب يدعو إلى فعل الطاعة ويقتضي ذلك، والطاعة من ثمراته ونتائجه، لكنها تنازع، هل يستلزم الطاعة؟ فإنه وإن كان يدعو إلى الطاعة، فله معارض من النفس والشيطان، فإذا كان قد كره إلى المؤمنين المعارض، كان المقتضى للطاعة سالماً عن هذا المعارض.
وأيضًا، فإذا كرهوا جميع السيئات لم يبق إلا حسنات أو مباحات، والمباحات لم تبح إلا لأهل الإيمان الذين يستعينون بها على الطاعات، وإلا فالله لم يبح قط لأحد شيئًا أن يستعين به على كفر، ولا فسوق، ولا عصيان؛ ولهذا لعن النبي صلى الله عليه وسلم عاصر الخمر ومعتصرها، كما لعن شاربها. والعاصر يعصر عنبًا يصير عصيراً يمكن أن ينتفع به في المباح، لكن لما علم أن قصد العاصر أن يجعلها خمراً، لم يكن له أن يعينه بما جنسه مباح على معصية الله، بل لعنه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك؛ لأن الله لم يبح إعانة العاصي على معصيته، ولا أباح له ما يستعين به في المعصية. فلا تكون مباحات لهم إلا إذا استعانوا بها على الطاعات. فيلزم من انتفاء السيئات أنهم لا يفعلون إلا الحسنات؛ ولهذا كان من ترك المعاصي كلها، فلابد أن يشتغل بطاعة الله. وفي الحديث الصحيح: " كُلُّ الناس يَغْدُوا، فبائع نَفْسَه فمُعْتِقُهَا أو مُوبِقُهَا " فالمؤمن لابد أن يحب الحسنات، ولابد أن يبغض
نام کتاب : الإيمان نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 45