responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإيمان نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 39
ولا يكون فعل اختياري إلا بإرادة؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: " أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، وأصدق الأسماء حارث وهمَّام، وأقبحها: حَرْبٌ وَمُرَّة ".
وقوله: " أصدق الأسماء حارث وهمام "؛ لأن كل إنسان همام حارث، والحارث الكاسب العامل، والهمام الكثير الهم _ وهو مبدأ الإرادة _ وهو حيوان، وكل حيوان حساس متحرك بالإرادة، فإذا فعل شيئًا من المباحات؛ فلابد له من غاية ينتهي إليها قصده، وكل مقصود إما أن يقصد لنفسه، وإما أن يقصد لغيره، فإن كان منتهى مقصوده ومراده عبادة الله وحده لا شريك له، وهو إلهه الذي يعبده لا يعبد شيئًا سواه، وهو أحب إليه من كل ما سواه، فإن إرادته تنتهي إلى إرادته وجه الله، فيثاب على مباحاته التي يقصد الاستعانة بها على الطاعة، كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " نَفَقَة الرجل على أهله يحتسبها صدقة ". وفي الصحيحين عنه أنه قال لسعد بن أبي وقاص لما مرض بمكة وعاده: " إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا ازددت بها درجة ورفعة، حتى اللُّقْمَة ترفعها إلى في امرأتك ". وقال معاذ بن جبل لأبي موسى: إني أحتسب نَوْمَتِي كما أحتسب قَوْمَتِي. وفي الأثر: نوم العالِم تسبيحٌ.
وإن كان أصل مقصوده عبادة غير الله، لم تكن الطيبات مباحة له؛ فإن الله أباحها للمؤمنين من عباده، بل الكفار وأهل الجرائم والذنوب وأهل الشهوات، يحاسبون يوم القيامة على النعم التي تنعموا بها، فلم يذكروه ولم يعبدوه بها، ويقال لهم: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ} [الأحقاف: 20] ، وقال تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: 8] أي: عن شكره، والكافر لم يشكر على النعيم الذي أنعم الله عليه به فيعاقبه على ذلك، والله إنما أباحها

نام کتاب : الإيمان نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 39
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست