نام کتاب : الإيمان نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 35
وكذلك قوله تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 115] فإنهما متلازمان؛ فكل من شَاقَّ الرسول من بعد ما تبين له الهدى، فقد اتبع غير سبيل المؤمنين، وكل من اتبع غير سبيل المؤمنين فقد شاق الرسول من بعد ما تبين له الهدى، فإن كان يظن أنه متبع سبيل المؤمنين وهو مخطئ، فهو بمنزلة من ظن أنه متبع للرسول وهو مخطئ.
وهذه الآية تدل على أن إجماع المؤمنين حجة؛ من جهة أن مخالفتهممستلزمة لمخالفة الرسول، وأن كل ما أجمعوا عليه فلابد أن يكون فيه نص عن الرسول، فكل مسألة يقطع فيها بالإجماع وبانتفاء المنازع من المؤمنين، فإنها مما بين الله فيه الهدى، ومخالف مثل هذا الإجماع يكفر، كما يكفر مخالف النص البين. وأما إذا كان يظن الإجماع ولا يقطع به، فهنا قد لا يقطع _ أيضًا _ بأنها مما تبين فيه الهدى من جهة الرسول، ومخالف مثل هذا الإجماع قد لا يكفر، بل قد يكون ظن الإجماع خطأ، والصواب في خلاف هذا القول، وهذا هو فصل الخطاب فيما يكفر به من مخالفة الإجماع وما لا يكفر.
والإجماع هل هو قطعي الدلالة أو ظني الدلالة؟ فإن من الناس من يطلق الإثبات بهذا أو هذا، ومنهم من يطلق النفي لهذا ولهذا، والصواب التفصيل بين ما يقطع به من الإجماع، ويعلم يقيناً أنه ليس فيه منازع من المؤمنين أصلاً، فهذا يجب القطع بأنه حق، وهذا لابد أن يكون مما بين فيه الرسول الهدى، كما قد بسط هذا في موضع آخر.
ومن جهة أنه إذا وصف الواجب بصفات متلازمة، دل على أن كل صفة من تلك الصفات متى ظهرت وجب اتباعها، وهذا مثل [الصراط المستقيم] الذي أمرنا الله بسؤال هدايته، فإنه قد وصف بأنه الإسلام، ووصف بأنه اتباع القرآن، ووصف بأنه طاعة الله ورسوله، ووصف بأنه طريق العبودية، ومعلوم
نام کتاب : الإيمان نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 35