وما أحسن قول أبي حنيفة! وقد سئل عن علقمة والأسود أيهما أفضل؟ فقال: ((والله ما نحن بأهل أن نذكرهم، فكيف نفضل بينهم؟!)) .
وكان ابن المبارك إذا ذكرأخلاق من سلف ينشد:
لا تعرضن بذكرنا مع ذكرهم ... ليس الصحيح إذا مشى كالمقعد
ومن علمه غير نافع إذا رأى لنفسه فضلاً على تقدمه في المقال وتشقق الكلام، ظن لنفسه عليهم فضلاً في العلوم أو الدرجة عند الله لفضل خص به عمن سبق، فاحتقر من تقدمه، وأزرى عليه بقلة العلم، ولا يعلم المسكين أن قلة كلام من سلف إنما كان ورعًا وخشية لله، ولو أراد الكلام وإطالته لما عجز عن ذلك. ..)) اهـ.
قلت: فكلام هؤلاء الأئمة يدل على أن السلف الصالح قد تفوقوا علينا في العلوم الشرعية، وقد سبقونا إلى كل باب من أبواب الخير، فلا سبيل لنا أن نصل إلى درجة علمهم وفقههم ومعرفتهم بأسرار الشريعة فضلاً عن أن نفوقهم، ولو يسر لإنسان في هذا العصر كل وسائل التقنية الحديثة، وحصل على مئات الموسوعات الإلكترونية وآلاف الكتب المجلدات فلن يصل أبدًا إلى ما وصل إليه السلف الصالح من العلوم الدينية والمعارف الشرعية، ولن يتمكن من معرفة شيء من أمور الدين لم يعرفه السلف الصالح. والله أعلم.
فيتبين من ذلك أن ما ادعاه الدكتور من عدم قيام السلف الصالح بمسألة إحصاء التسعة والتسعين اسمًا ادعاء باطل. والله الموفق.
* * *
* ثالثًا: قوله: ((ويلزم من هذا بالضرورة فرز عشرات الآلاف من الأحاديث النبوية وقراءتها كلمة كلمة للوصول إلى اسم واحد. ..)) .
أقول هذا حجة عليه؛ لأنه إذا كان الأمر كذلك، فكثير من السلف الصالح والعلماء المتقدمين كانو يحفظون أضعاف أضعاف هذا العدد من الأحاديث، فإحصاء الأسماء الحسنى أيسر عليهم بكثير.