responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الأثر المشهور عن الإمام مالك رحمه الله في صفة الاستواء نویسنده : عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر    جلد : 1  صفحه : 15
ترغيباً فيه، وزخرفاً ينفقونه به، وسمّوا الحقَّ باسم الباطل تنفيراً عنه، والناس أكثرهم مع ظاهر السكّة، ليس لهم نقد النقّاد[1].
ولا يأمن جانب الغلط في هذا الباب الخطير من لا يتعرّف على نهج السلف ويسلك طريقتهم، فهي طريقة سالمة مأمونة مشتملة على العلم والحكمة، وكلامهم في التوحيد وغيره قليلٌ كثيرُ البركة[2]، فهم لا يتكلّفون، بل يعظِّمون النصوص، ويعرفون لها حرمتها، ويقفون عندها، ولا يتجاوزونها برأي أو عقل أو وَجْدٍ أو غير ذلك.
فهم بحقٍّ الأئمةُ العدول والشهود الأثبات، ولا يزال بحمد الله في كلِّ زمان بقايا منهم "يدعون من ضلَّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يُحيون بكتاب الله الموتى، ويبصِّرون بنور الله أهلَ العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالٍّ تائهٍ قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن عباد الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عِقال الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مفارقة الكتاب، يقولون على الله، وفي الله، وفي كتاب الله بغير علم، يتكلّمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهّال الناس بما يشبّهون عليهم، فنعوذ بالله من فتن المضلّين"[3].
ولهذا فإنَّ دراسة آثار هؤلاء وأقوالهم المنقولة عنهم في نصر السنة وتقرير التوحيد والردّ على أهل الأهواء يُعدّ من أنفع ما يكون لطالب العلم، للتمييز بين الحقّ والباطل، والسنة والبدعة، والهدى والضلال؛ لأنَّ هؤلاء الأئمة قد مضوا

[1] انظر: مدارج السالكين لابن القيم ([1]/26،27) .
[2] انظر: مدارج السالكين ([1]/139) ، وشرح العقيدة الطحاوية (ص19) .
[3] مقتبس من مقدّمة كتاب الردّ على الزنادقة والجهمية للإمام أحمد بن حنبل.
الْعَرْشِ اسْتَوَى} كيف استوى؟ قال: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة" وكذلك ربيعة قبله فبيّن مالك أنَّ معنى الاستواء معلوم، وأنَّ كيفيته مجهولة، فالكيف المجهول هو من التأويل الذي لا يعلمه إلاّ الله، وأما ما يُعلم من الاستواء وغيره فهو من التفسير الذي بيَّنه الله ورسوله.
والله تعالى قد أمرنا أن نتدبّر القرآن، وأخبر أنَّه أنزله لنعقله، ولا يكون التدبُّر والعقل إلاّ لكلام بيَّن المتكلِّم مراده به، فأما من تكلّم بلفظ يحتمل معاني كثيرة ولم يبيِّن مراده منها فهذا لا يمكن أن يُتدبّر كلامه ولا يعقل، ولهذا تجد عامة الذين يزعمون أنَّ كلام الله يحتمل وجوهاً كثيرةً، وأنَّه لم يبيِّن مراده من ذلك قد اشتمل كلامهم من الباطل على ما لا يعلمه إلاّ الله، بل في كلامهم من الكذب في السمعيات نظير ما فيه من الكذب في العقليات، وإن كانوا لم يتعمّدوا الكذب، كالمحدِّث الذي يغلط في حديثه خطأ، بل منتهى أمرهم: القرمطة في السمعيات، والسفسطة في العقليات، وهذان النوعان مجمع الكذب والبهتان"[1].
ولهذا فقد مضى أهل السنة والجماعة قاطبة على إثبات الصفات للباري سبحانه، وفهم معناها ومدلولها فـ"التفاسير الثابتة المتواترة عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان تبيَّن أنَّهم إنَّما كانوا يفهمون منها الإثبات، بل والنقول المتواترة المستفيضة عن الصحابة والتابعين في غير التفسير موافقة للإثبات، ولم يُنقل عن أحد من الصحابة والتابعين حرفٌ واحدٌ يوافق قول النفاة، ومن تدبّر الكتب المصنَّفة في آثار الصحابة والتابعين، بل المصنَّفة في السنة، من

[1] درء التعارض (1/278،279) .
نام کتاب : الأثر المشهور عن الإمام مالك رحمه الله في صفة الاستواء نویسنده : عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر    جلد : 1  صفحه : 15
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست