باللسان، والمنافقون يصدقون بالألسنة ويكذبون بالقلوب.
ثم إن لفظ الإيمان لا يقابل التكذيب فقط، وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: " لفظ الإيمان في اللغة لم يقابل بالتكذيب كلفظ التصديق، فإنه من المعلوم في اللغة أن كل مخبر يقال له: صدقت أو كذبت ويقال: صدقناه أو كذبناه، ولا يقال لكل مخبر: آمنا له أو كذبناه، ولا يقال: أنت مؤمن له أو مكذب له، بل المعروف في مقابلة الإيمان لفظ الكفر يقال: هو مؤمن أو كافر، والكفر لا يختص بالتكذيب بل لو قال: أنا أعلم أنك صادق، لكن لا أتبعك بل أعاديك وأبغضك وأخالفك ولا أوافقك لكان كفره أعظم، فلما كان الكفر المقابل للإيمان ليس هو التكذيب فقط علم أن الإيمان ليس هو التصديق فقط بل إذا كان الكفر يكون تكذيبا ويكون مخالفة ومعاداة وامتناعا بلا تكذيب فلا بد أن يكون الإيمان تصديقا مع موافقة وموالاة وانقياد، لا يكفى مجرد التصديق فيكون الإسلام جزء مسمى الإيمان كما كان الامتناع من الانقياد مع التصديق جزء مسمى الكفر فيجب أن يكون كل مؤمن مسلما منقادا للأمر وهذا هو العمل" [1].
أما موقفهم من النصوص الدالة على أن العمل من مسمى الإيمان، فموقف القدح والتأويل كقوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} "سورة البقرة: الآية143".
فحملوها على المجاز [2]، ومثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الإيمان بضع وستون شعبة". [1] مجموع الفتاوى 7/292، وانظر شرح العقيدة الطحاوية ص380. [2] انظر تبصرة الأدلة "337/ب".