مثال ذلك أن الشجرة كل مركبة من أغصان ومع ذلك لا تزول الشجرة بزوال بعض أغصانها، وكذا الإنسان كل مركب من أجزاء لكن لا يزول الإنسان بزوال بعض أجزائه[1].
وهكذا في باب الإيمان فهو لا يزول بالكلية بزوال بعض الأعمال، وإذا تحقق هذا ثبت أنه لا يلزم تكفير مرتكب الكبيرة، كما لا يلزم مخالفة الإجماع، وظهر بطلان القول بعدم دخول الأعمال في مسمى الإيمان.
2- أن لفظ الإيمان ذكر في نصوص الكتاب والسنة على نوعين: مقيد ومطلق.
فإذا ورد مطلقا دخل في مفهومه الأعمال كما تدخل الأعمال، في مفهوم البر والتقوى والدين إذا وردت هذه الكلمات مطلقة.
وإذا ورد مقيدا فيغاير الأعمال وعلى هذا يقال: "إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا".
فالإيمان له مرتبتان:
مرتبة الشيء المطلق، وهي مرتبة الإيمان المطلق أي الكامل، ومرتبة مطلق الشيء، وهي مرتبة مطلق الإيمان أي ما يصدق عليه الإيمان في الجملة سواء كان كاملا أو ناقصا، فمن وفّقه الله تعالى للعمل وقوي تصديقه بالقلب وعمل ما يقتضيه إقراره باللسان فإيمانه كامل في مرتبة الشيء المطلق، أي الإيمان المطلق أي الكامل، وأما من أخل بالعمل فقد نقص إيمانه وضعف تصديقه بقلبه بقدر ما أخل به من العمل؛ ولم يستوف ما يقتضي إقراره بلسانه، فإيمانه ناقص في مرتبة "مطلق الشيء"، أي "مطلق [1] مجموع الفتاوى 7/403-405 بتصرف. وانظر فتح الملهم بشرح صحيح مسلم 1/157، والسنة لعبد الله بن أحمد ص76؛ وجامع العلوم والحكم ص43؛ والإيمان لأبي يعلى ص264.