نام کتاب : نهاية الأرب في فنون الأدب نویسنده : النووي، أبو زكريا جلد : 6 صفحه : 290
وإذا كان كذلك، فله ثلاثة أحوال: حال كمال، وحال جواز، وحال يخرج عن الأمرين.
فأما الحال التى يكون التوقيع فيها كاملا فى صحة الولاية، فهو أن يتضمّن شيئين:
أحدهما الأمر بالنظر، والثانى الأمر بالحكم، فيذكر فيه: «انظر بين رافع هذه القصّة وبين خصمه، واحكم بينهما بالحقّ وموجب الشرع» . [فاذا كانت كذلك [1]] جاز، لأن الحكم لا يكون إلا بالحقّ الذى يوجبه حكم الشرع. وإنما يذكر ذلك فى التوقيعات وصفا لا شرطا. فإن كان التوقيع جامعا لهذين الأمرين من النظر والحكم، فهو النظر الكامل، ويصحّ به التقليد والولاية.
وأمّا الحال التى يكون بها التوقيع جائزا مع قصوره عن حال الكمال، فهو أن يتضمّن الأمر بالحكم دون النّظر، فيذكر فى توقيعه: «احكم بين رافع هذه [القصّة [2]] وبين خصمه» ، أو يقول: «اقض بينهما» ، فتصحّ الولاية بذلك؛ لأن الحكم بينهما لا يكون الا بعد تقدّم النّظر، فصار الأمر به متضمّنا للنظر، لأنه لا يخلو منه.
وأمّا الحال التى يكون التوقيع بها خاليا من كمال وجواز، فهو أن يذكر فيه: «انظر بينهما» ؛ فلا تنعقد بهذا التوقيع ولاية، لأن النظر بينهما قد يحتمل الوساطة الجائزة ويحتمل الحكم اللازم؛ وهما فى الاحتمال سواء، فلم تنعقد به مع الاحتمال ولاية. فإن ذكر فيه: «انظر بينهما بالحق» فقد قيل: إنّ الولاية به منعقدة، لأنّ الحق مالزم؛ وقيل لا تنعقد به، لأن الصلح والوساطة حقّ وإن لم يلزم.
فهذه نبذة كافية فيما يتعلّق بنظر المظالم. وقد يقع لهم من الوقائع والمخاصمات والقرائن ما لم نذكره، فيجرى الحال فيها بحسب الوقائع والقرائن؛ وانما هذه أصول سياسية وقواعد فقهيّة فيحمل الأمر من أشباهها على منوالها، ويحذى فى أمثالها على مثالها. والله الموفّق. [1] التكملة عن الأحكام السلطانية. [2] التكملة عن الأحكام السلطانية.
نام کتاب : نهاية الأرب في فنون الأدب نویسنده : النووي، أبو زكريا جلد : 6 صفحه : 290