نام کتاب : نهاية الأرب في فنون الأدب نویسنده : النووي، أبو زكريا جلد : 6 صفحه : 111
والثانى: أن ينتهز فرصة مكنته [1] بفعل الجميل، وغرس الصنائع، وإسداء العوارف؛ ليكون ذلك ذخيرة له فى النوائب، وخلفا فى العواقب؛ ولا يلهيه استكفاؤه عن الاستظهار، ولا يمنعه استغناؤه عن الاستكثار. فقد قيل: المرء ابن يومه، فلينتبه من نومه.
وقد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحّتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك»
. قال سعيد بن سلم:
إنّما الدنيا هبات ... وعوار مستردّه
شدّة بعد رخاء ... ورخاء بعد شدّه
والثالث: أن يكفّ نفسه عن القبيح ويقبض يده عن الإساءة، ليكفى رصد التّرات، وغوائل الهفوات؛ فيأمن من وجله، ويسلم من زلله؛ ولا يتطاول بالقدرة فيغفل وهو مطلوب، ويأمن وهو مسلوب.
والرابع: أن يستعدّ لآخرته، ويستظهر لمعاده، ولا يغترّ بالأمل فيخونه الفوت، ولا تلهيه الدنيا فتصدّه عن الآخرة. فقلّ من لا بسها فسلم من تبعاتها؛ لهفوات غرورها، [وعواقب [2] شرورها] .
روى عن النبىّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يا عجبا كل العجب للمصدّق بدار الخلود وهو يسعى لدار الغرور»
. وقيل فى منثور الحكم:
طلاق الدنيا مهر الجنّة.
وأما حذره من أهل الزمان- فلأن الإنسان محسود بالنعمة، مغبوط بالسلامة. والناس على أربعة أطوار متباينة: [1] المكنة بفتح فكسر: التمكن. [2] زيادة عن «قوانين الوزارة» .
نام کتاب : نهاية الأرب في فنون الأدب نویسنده : النووي، أبو زكريا جلد : 6 صفحه : 111