نام کتاب : نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب - ت إحسان عباس نویسنده : المقري التلمساني جلد : 4 صفحه : 517
به في تلك البلاد الشياطين، وسرى هذا الأمر حتى بلغ أرض البيازين من غرناطة، وكانوا من التعصب وحمية الجاهلية والجهل بالمقام الذي لا يخفى، وتبعهم بعض المفسدين المحبين في تفريق كلمة المسلمين، وممن مال إلى الصلح عامة غرناطة لضعف الدولة، ووسوس للناس شياطين الفتنة وسماسرتها بتقبيحٍ وتحسينٍ، إلى أن قام ربض البيازين بدعوة السلطان الذي كان مأسوراً عند المشركين، ووقعت فتنة عظيمة في غرناطة نفسها بين المسلمين لما أراده الله تعالى من استيلاء العدو على تلك الأقطار، ورجموا البيازين بالحجارة من القلعة، وعظم الخطب، وكانت الثورة ثالث شهر ربيع الأول عام أحد وتسعين وثمانمائة، ودامت الفتنة إلى منتصف جمادى الأولى من العام، وبلغ الخبر أن السلطان الذي قاموا بدعوته قدم على روشة ودخلها على وجه رجاء الصلح بينه وبين عمه الزغل صاحب قلعة غرناطة، بأن العم يكون له الملك، وابن أخيه تحت إيالته بلوش أو بأي المواضع أحد، ويكونون يداً واحدة على عدو الدين، وبينهم في هذا إذا بصاحب قشتالة قد خرج بجند عظيم ومحلة قوية وعدد وعدد، ونازل لوشة حيث السلطان أبو عبد الله الذي كان أسيراً، وضيق بها الحصار، وكان قد دخلها جماعة من أهل البيازين بنية الجهاد ولمعاضدة وليهم، وخاف أهل غرناطة وسواها من أن يكون ذلك حيلة، فلم يأت لنصرته غيرالبيازين، واشتد عليهم الحصار، وكثرت الأقاويل، وصرحت الألسن بأن ذلك باتفاق بين السلطان المأسور وصاحب قشتالة، ودخل على أهل لوشة في ربضهم، وخافوا من الاستئصال، فطلبوا الأمان في أموالهم وأنفسهم وأهليهم، فوفى لهم صاحب قشتالة بذلك، وأخذ البلد في السادس والعشرين لجمادى الأولى سنة إحدى وتسعين وثمانمائة. وهي - أعني لوشة - كانت بلد سلف الوزير لسان الدين ابن الخطيب، كما ذكرناه مستوفى في غير هذا الموضع، وهاجر أهل لوشة إلى غرناطة، وبقي السلطان أبو عبد الله الذي كان مأسوراً مع النصراني في لوشة، فصرح عند ذلك أهل غرناطة بأنه ما جاء للوشة إلا ليدخل إليها العدو الكافر
نام کتاب : نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب - ت إحسان عباس نویسنده : المقري التلمساني جلد : 4 صفحه : 517