نام کتاب : نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب - ت إحسان عباس نویسنده : المقري التلمساني جلد : 4 صفحه : 452
واسترذلت ما عندي، ثم قال لي: لقد كثر هذا عندي حتى ما ألذ به، ثم حلف بإلهه أنه لو لم يكن عنده شيء من هذا ثم بذل له بأجمعه في ثمن تلك ما سخت بها يدي، فهي ابنة صاحب المنزل، وله حسب في قومه، اصطفيتها لمزيد جمالها لولادتي حسبما كان قومها يصنعون بنسائنا نحن أيام دولتهم، وقد رد لنا الكرة عليهم، فصرنا فيما تراه، وأزيدك بأن تلك الخودة الناعمة، وأشار إلى جارية أخرى قائمة إلى ناحية أخرى، مغنية والدها التي كانت تشدو له على نشواته، إلى أن أيقظناه من نوماته، يا فلانة - يناديها بلكنته - خذي عودك تغني زائرنا بشجوك، قال: فأخذت العود، وقعدت تسويه، وإني لأتأمل دمعها يقطر على خدها، فتسار قالعلج مسحه، واندفعت تغني بشعر ما فهمته أنا فضلاً عن العلج، فصار من الغريب أن حث شربه هو عليه، وأظهر الطرب منه، فلما يئست ما عنده قمت منطلقاً عنه، وارتدت لتجارتي سواه، واطلعت لكثرة ما لدى القوم من السبي والمغنم على ما طال عجبي به، فهذا فيه مقنع لمن تدبره، وتذكر لمن تذكره.
قال ابن حيان: قد أشفينا بشرح هذه الحادثة الفادحة مصائب جليلة مؤذنة بوشك القلعة طالما حذر أسلافنا لحاقها بما احتملوه عمن قبلهم من أثارة، ولا شك عند ذمي الألباب أن ذلك مما دهانا من داء التقاطع وقد أمرنا بالتواصل والألفة، فأصبحنا من استشعار ذلك والتمادي عليه على شفا جرف يؤدي إلى الهلكة لا محالة، انتهى ببعض اختصار.
وذكر بعده كلاماً في ذم أهل ذلك الزمان من أهل الأندلس، وأنهم يعللون أنفسهم بالباطل، وأن من أدل الدلائل على جهلهم اغترارهم بزمانهم، وبعدهم عن طاعة خالقهم، ورفضهم وصية نبيهم، وغفلتهم عن سد ثغورهم، حتى أطل عدوهم الساعي لإطفاء نورهم، يجوس خلال ديارهم، ويستقري بسائط بقاعهم، ويقطع كل يوم طرفاً، ويبيد أمة، ومن لدينا وحوالينا من أهل كلمتنا صموت عن ذكرهم، لهاة عن بثهم، ما إن سمع عندنا بمسجد من
نام کتاب : نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب - ت إحسان عباس نویسنده : المقري التلمساني جلد : 4 صفحه : 452