responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب - ت إحسان عباس نویسنده : المقري التلمساني    جلد : 1  صفحه : 5
أعجبته وتحول إليها؛ وقد أسهب في ذكر حاله بدمشق وما تلقاه به أهلها من حسن المعاملة، ويكفي هنا أن ننقل بعض ما قاله المحبي: ((وأملي صحيح البخاري بالجامع تحت قبة النسر بعد صلاة الصبح، ولما كثر الناس بعد أيام خرج إلى صحن الجامع، تجاه القبة المعروفة بالباعونية، وحضره غالب أعيان عليماء دمشق، وأما الطلبة فلم يتخلف منهم أحد، وكان يوم ختمة حافلاً جداً، اجتمع فيه الألوف من الناس، وعلت الأضواء بالبكاء، فنقلت حلقة الدرس إلى وسط الصحن، إلى الباب الذي يوضع فيه العلم النبوي في الجمعيات من رجب وشعبان ورمضان، وأتي له بكرسي الوعظ فصعد عليه، وتكلم بكلام في العقائد والحديث لم يسمع نظيره أبداً، وتكلم على ترجمة البخاري ... وكانت الجلسة من طلوع الشمس إلى قريب الظهر ... ونزل عن الكرسي فازدحم الناس على تقبيل يده، وكان ذلك نهار الأربعاء سابع عشري رمضان سنة 1037، ولم يتفق لغيره من العلماء الواردين إلى دمشق ما اتفق له من الحظوة وإقبال الناس)) . وكانت إقامته بدمشق دون الأربعين يوماً، وقد خرج جمهور كبير من علمائها وأعيانها في وداعه، عندما اعتزم العودة إلى مصر.
وحدث تلميذ له كان يلازمه ويرافقه في تقلباته بدمشق وزياراته لمعالمها - وهو الشيخ مرز الشامي - قال: إنه ذهب معه ذات يوم لزيارة قبر الشيخ محيي الدين ابن العربي في خارج المدينة، قال: وكان خروجنا بعد صلاة الصبح، ووصلنا إلى المزارة عند طلوع الشمس، فلما جلسنا عنده قال لي الشيخ المقري: ((إني ابتدأت عند خروجنا إلى الزيارة ختمة من القرآن لروح هذا الشيخ وقد ختمتها الآن - وهذا شيء مستغرب لقصر المدة التي تمت فيها الختمة.
وفي شوال من العام نفسه كان بمدينة غزة، فنزل فيها ضيفاً على الشيخ

صلى الله عليه وسلم، ووجه وفود التعظيم إليه، من مفرد في جماله صار لجمع الأنبياء تماماً، وفذ في كماله تقدم في حضرة التقديس التي أسست على التشريف أعظم تأسيس فصلى [1] بالمرسلين إماما، وصدر تحلى بجميل الأوصاف، كالوفاء والعفاف، والصدق والإنصاف، فزكا في أعماله، وبلغ الراجي منتهى آماله، ولم يخلف وعداً ولم يخفر ذماماً، وسيد كسي حلل العصمة، من كل مخالفة وذنب ووصمة، فلم يصرف لغير طاعة ملاوه، الذي أولاه من التفضيل ما أولاه، اهتبالا واهتماما.
وعلى آله وعترته، الفائزين بأثرته، أنصار الدين، والمهاجرين المهتدين، وأشياعه وذريته، الطالعين نجوماً في سماء شهرته، وأتباعهم القائمين بحقوق نصرته، أرباب العقل الرصين، الفاتحين بسيوف دعوته أبواب المعقل الحصين، حتى بلغت أحكام ملته، وأعلام بعثته، من بالأندلس والصين، فضلاً عن الشأم والعراق.
ورضي الله تعالى عن علماء أمته المصنفين في جميع العلوم والفنون، وعظماء سنته الموفين للطلاب بالآراب المحققين لهم الظنون، وحكماء شرعته المتبصرين بحدوث من مرت عليه الأيام والشهور وكرت عليه الآناء والدهور والأعوام والسنون، المتدبرين في عواقب من كان بهذه البسيطة من السكان المتذكرين على اقدر الإمكان بمن طحنته رحا المنون، من أملاك العصور الخالية وملاك القصور العالية وذوي الأحوال التي هي بسلوك الاختلاف حالية، من بصير وأعمى وفقير وذي نعمى ومختال تردى بكبريائه، ومحتال على ما بأيدي الناس بسمعته وريائه، وعاقل أحسن العمل، وغافل افتتن بالأمل، وكارع في حياض الشريعة، وراتع برياض الآداب المريعة، وذي ورع سد عما رابه الذريعة، وأخي طمع في أن يدرك آرابه من الدنيا الوشيكة

[1] فصلى: سقطت من ق ط ج.
نام کتاب : نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب - ت إحسان عباس نویسنده : المقري التلمساني    جلد : 1  صفحه : 5
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست