responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نضرة الإغريض في نصرة القريض نویسنده : العلوي الحسيني، المظفر بن الفضل    جلد : 1  صفحه : 86
غُلامٌ فوقَ ما أصِفُ ... كأنّ قوامَهُ ألِفُ
إذا ما مالَ يرْعَبُني ... أخافُ عليهِ ينْقَصِفُ
ولمّا قال أبو الطيّب:
دون التّعانُقِ ناحِلَيْن كشَكْلَتيْ ... نصْبٍ أدقَّهُما وضَمّ الشّاكلُ
عِيبَ ذلك عليه لأنه خالفَ مذهبَ الشعراءِ فيه وجعلَ نفسَهُ ومحبوبَهُ في النّحولِ سَواءً، والعادةُ أن يوصَفَ العاشِقُ بالنحولِ دونَ المعشوقِ، كقولِ ديك الجنّ:
كِلانا غُصُنٌ شَطْبُ ... فَذا بالٍ وذا رَطْبُ
إذا ما هبّتِ الريحُ ... ومالَ المِرْطُ والإتْبُ
أبانَتْ منهُ ما طابَ ... ومني ما بَرَى الحُبُّ
وأما تشبيهُ نفسِه وحبيبهِ بشكلَتَيْ نصْبٍ ولابُدّ من خلَلٍ وافتراقٍ بينهما، وعادةُ الشُعراءِ في شِدّةِ الالتزامِ وتضايُقِ العِناق غيرُ ذلك، كما قال ابنُ الجهْم وابنُ المُعتزّ وغيرُهما، وقد استوفَيْنا الكلامَ والإنشادَ عليه في الرسالة العلويّة، وبلَغْنا فيه الغايةَ. ونصَبَ ناحلَيْن على الحالِ كأنّه قال: كمْ وقفةٍ وقفنا دونَ التعانُق ناحلَيْن.
وينبغي للشّاعرِ أن يُحسنَ الاستعارةَ ويتجنّبَ فيها المآخذَ التي أُنكِرَتْ على سواه، فالسعيدُ مَنْ وُعِظَ بغيرِه، فمن ذلك قولُ أبي نُواس:
لمّا بَدا ثعلبُ الصّدودِ لَنا ... أرْسَلْتُ كلْبَ الوصالِ في طَلَبِهْ
وقال أبو العُذافِرُ العَمّي:
باضَ الهَوى في فؤادي ... وفرّخَ التّذْكارُ
وقال الآخر:
ضِرامُ الحبِّ عشّشَ في فؤادي ... وحضّنَ فوقه طيْرُ البعادِ
وأنْبَذَ للهوى في دنّ قلبي ... فعَربدتِ الهمومُ على فؤادي
هذه استعاراتٌ كمَن لبسَ ثيابَ حِدادٍ في عُرْسٍ. وقال أبو تمام:
لا تسْقِني ماءَ المَلامِ فإنّني ... صبٌّ قد استعذَبْتُ ماءَ بُكائي
ماءُ المَلامِ من الاستعاراتِ القبيحة. وقال أيضاً:
لم تُسْقَ بعدَ الهوى ماءً على ظمأٍ ... كماءِ كافيةٍ يَسقيكَهُ فهِمُ
وقال أيضاً:
فضَربْتَ الزّمانَ في أخْدَعَيْهِ ... ضرْبَةً غادَرَتْهُ عَوْداً رَكوبا
ولأبي الطيّب في هذا الباب أشعارٌ تُعَدّ من العجَبِ العُجاب، منها قوله:
مسَرّةٌ في قلوبِ الطِّيبِ مفْرِقُها ... وحسْرةٌ في قلوبِ البيضِ واليَلَبِ
جعلَ للطيبِ والبيضِ واليَلبِ قلوباً تُسَرُّ وتتحسّرُ. وقوله:
وقد ذُقْتُ حلواءَ البَنين على الصِّبا ... فلا تحْسَبَنّي قلتُ ما قلتُ عن جهْلِ
وقولُه:
فكأنّه حسِبَ الأسنّةَ حُلْوَةً ... أو ظنّها البَرْنيَّ والآزاذا
وقولُه:
تستغرِقُ الكَفُّ فوْدَيْهِ ومنكبَهُ ... فتكتسي منهُ ريحَ الجوْرَبِ العرِقِ
وقولُه:
خَلوقيّةٌ في خَلوقِيّها ... سُوَيْداءُ من عِنَبِ الثّعلَبِ
وله من هذا أشعار كثيرة.
وقريبٌ من هذه الأشعار حكايةٌ أخبَرَني بها عبدُ الرحمن الدَقّاق بقراءَتي عليهِ في سنة ثلاثَ عشرةَ وستمائة قال: أنبأني ابنُ خيرون عن الجوهري عن المَرزُبانيّ قال: أخبرَني الصّوليُّ قال: حدّثَني يموتُ بنُ المُزَرَّع قال: كان لمحمّد بن الحسن الحِصْنيّ ولدٌ فقال له يوماً: إني قد قلتُ شعراً، فقال الحصنيّ: أنشِدْنيهِ يا بنيَ لئِلا يلعبَ بكَ شيطانُ الشِّعر، قال: فإنْ أجدتُ أتَهَبُ لي جاريةً أو غُلاماً؟ فقال: بل أجمعُهُما لك، فأنشدَه:
إنّ الديارَ بميَّفا ... هيّجْنَ حُزناً قد عَفا
أبْكَيْنَني لشقاوَتي ... وجعلنَ رأسي كالقَفا
فقال الحِصنيّ: والله يا بني ما تستحقُّ بهذا جاريةً ولا غُلاماً، ولكنْ أمُّك مني طالِقٌ ثلاثاً إذا ولدَتْ مثلَك.
وينبغي للشاعر أن يتجنّبَ الإغارةَ وقد قدّمنا في أقسامِ السّرِقاتِ المذمومةِ ذِكْرَها وهي: ادعاءُ اللفظِ والمعنى من غير أن يُفكِّرَ الشّاعرُ أن يتعنّى، فما ذُمَّ شاعرٌ في السّرقاتِ بأقبحَ منها، ومثال ذلك قال والِبةُ بن الحُباب:
يا شقيقَ النّفْسِ من أسَدِ ... نِمْتَ عن ليلي ولمْ أكَدِ
أخذَهُ أبو نُواس فقال:

نام کتاب : نضرة الإغريض في نصرة القريض نویسنده : العلوي الحسيني، المظفر بن الفضل    جلد : 1  صفحه : 86
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست