responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نضرة الإغريض في نصرة القريض نویسنده : العلوي الحسيني، المظفر بن الفضل    جلد : 1  صفحه : 79
وقد هجا الحطيئةُ الزِّبْرقانَ بدون هذا حيث يقول:
دعِ المكارِمَ لا تنهَضْ لبُغْيَتِها ... واقْعُدْ فإنّك أنتَ الطّاعمُ الكاسي
فاسْتعدى الزبرقانُ عمرَ بنَ الخطّاب على الحطيئة فحبسَه حتى تابَ وأنابَ.
وينبغي للشاعر أن يتحرّزَ كلَّ التحرّزِ من لفظٍ يتطيّرُ بهِ سامعُهُ خصوصاً إذا ابتدأ به، وافتتَحَ الكلامَ بسببه. فكم من شاعرٍ قد حُرِمَ بطريقه الإفادة، ونُزعَتْ عنهُ جلابيبُ السّعادةِ. من ذلك ما رَوَوْهُ عن الأخطلِ لمّا دخلَ على عبدِ الملكِ فأنشدَهُ قصيدةً أولُها:
خَفَّ القطينُ فراحوا منكَ أوْ بكَروا
فقال عبدُ الملك: بلْ منك يا بنَ اللخناء أخرِجُوه، فأُخْرِجَ فلمّا كان من الغدِ دخل عليه وأنشدَُ:
خفّ القَطينُ فراحوا اليومَ أو بكِروا
ومرّ في القصيدةِ الى آخرِها.
وقيل: دخل إسحاقُ بنُ إبراهيم على المُعتصمِ وهو جالسٌ في قصرِ بناهُ بالمَيدانِ لم يُرَ أحسنُ منه وعندَهُأهلُ بيتِه وأكابرُ النّاسِ للهناءِ، فاستأذنَهُ في إيرادِ قصيدةٍ يهنّئُهُ فيها بالموضِع، فأذِنَ له، فابتدأ وأنشد:
يا دارَ هندٍ ما الذي عفّاكِ ... بعْدَ الجميعِ وما الذي أبْلاكِ
إنْ كان أهلُكِ ودّعوكِ وأصْبَحوا ... فِرَقاً وأصبَح دارِساً مغْناكِ
فلقدْ نراكِ ونحنُ فيك بغِبْطَةٍ ... لوْ دامَ ما كُنّا عليهِ نراكِ
فتطيّرَ المعتصمُ من قوله ونفرَ حتى ارْبَدّ وجهُهُ ووقعَ على النّاسِ كآبةٌ، فخرج من ذلك المجلس وما عاد إليه ولا أحَدٌ من الحاضرين. قلت هذا عجَبٌ من إسحاقَ، ولولا غفلةٌ أدركتْهُ من قِبَلِ اللهِ تعالى فرانَتْ على عقلِه حتى قال ما قاله، إمّا للعِظة أو التأديب، لكان له من المعرفةِ والفهمِ والتجربةِ بخدمةِ الخُلفاءِ، والانتقادِ على الشُعراء، ما يزَعُهُ عن النُطْقِ بمثلِ هذا كلاّ بلْ رانَ على قلوبِهم.
وحدّثَ إبراهيمُ بنُ شِكْلَة بحديثٍ يُحِقُّ أنّ الألفاظَ الرديئةَ قد تجري على اللسانِ، بغير حُكم الإنسان، مع النَهْي عنها والتحذير منها، قال: دخلتُ على الأمين محمدٍ والأمورُ عليهِ مختلّةٌ فقال: يا عمُّ، هلاّ جلستَ معَنا لنتسلّى بألفاظِك وتخفِّفَ بها همَّنا، قال: فجلستُ وتغدّيْنا ودعا بالشرابِ واستحضَرَ جاريتَهُ دِبسيّةَ وأمَه بالغناء فغنّتْ:
كُلَيْبٌ لعَمْري كانَ أكثرَ ناصراً ... وأيْسَرَ جُرْماً منكَ ضُرِّجَ بالدّمِ
فاغتاظَ الأمين من قولِها وقال: ما هذا؟ فقالت: يا مولايَ هذا الذي كنتَ تقترحهُ عليّ قديماً. قال غنّي غيرَه فغنّتْ:
هُمْ قتَلَوهُ كي يكونوا مكانَه ... كما فعلَتْ يوماً بكِسْرى مَرازِبُهْ
فتطيّر من غنائِها، وأخذَ العودَ وضربَ به رأسها وقال: انهضي إلى لعنةِ الله. قال إبراهيمُ: فقلت يا سيدي إنما قصدَتْ لعادتِكَ من الأغاني فإنْ رأيتَ أن ترجِعَ. وسكّنتُ غضبَهُ، فأمرَ برجوعِها وجيءَ بعودٍ فغنّتْ:
أرى الأثْل من وادي العقيق مُجاوري ... ففيمَ وقَدْ غالَتْ يزيدَ غوائِلُهْ
فأمر بسحبِها، فسُحِبَتْ وأُخرِجَتْ وأقسمَ أنه لا يسمعُ يومَه غناءً ولا يشرب شَراباً. فما مضَتْ إلا ثلاثةُ أيامٍ حتى اجتُزَّ رأسُه وضُرِّجَ بدمائِه.
ودخلَ أبو مقاتل على الدّاعي في يوم المهرجان وابتدأ في الهناء بهِ فقال:
لا تَقُلْ بُشْرَى ولكنْ بُشْرَيان ... غُرّةُ الدّاعي ويومُ المَهْرَجانِ
فلمّا قال لا تَقُلْ بُشْرَى نهضَ من مجلسِهِ متَطيّراً وقطعَ الإنشاد مُبدِّلاً لمجلسِهِ مُغيِّراً.
ودخلَ أبو نواس على الفضلِ بنِ يحيى البرمكي وأنشدَه:
أرَبْعَ البِلى إنّ الخشوعَ لبادِ ... عليكَ وإني لمْ أخُنْكَ وِدادي
فانزَعَج الفضلُ مُتطيراً بذلك وعادَ يكرِّرُ يمحو اللهُ ما يشاءُ، فلما انتهى الى قوله:
سلامٌ على الدنيا إذا ما فُقِدتُمُ ... بني بَرمكٍ من حاضرينَ وبادِ
استحكَمَ تطيُّرهُ ونهضَ فدخلَ دارَ الحُرَمِ ولم يبقَ أحدٌ في مجلسِه إلا واستقبحَ ذلك من اختيارِ أبي نواس.
ودخل أبو عُبادة البُحتري على أبي سعيدٍ الثّغْريّ فأنشده:
لكَ الويلُ من ليلٍ بِطاءٍ أواخرُهُ

نام کتاب : نضرة الإغريض في نصرة القريض نویسنده : العلوي الحسيني، المظفر بن الفضل    جلد : 1  صفحه : 79
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست