responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نصرة الثائر على المثل السائر نویسنده : الصفدي    جلد : 1  صفحه : 60
وما أظن هذا المعشوق إلا أنه كان قد عزم على زيارة هذا العاشق، فعارضه في الطريق الرسول بهذا الكتاب والدينار، فلما وقف عليها ورأى هذا الإنعام والمانة به عليه، كر راجعا بعد إن سب الرسول ومزق ثيابه، ونتف ذقنه وبصق في وجهه ولعن من أرسله، ومزق الرقعة شذر ومذر، وداس فتات الرقعة برجليه وقال ما عنده من العجر والبجر، وتفضل في حق كاتب الرسالة بما يستحقه، ورمى بالدينار الذي أرسله في الهواء. على أنه يكون في ذلك مختصرا، وأنه سكت عن ظلمه ولم يكن منتصرا.
أما وقف هذا على شعر المتيمين من العرب الذين خاطبوا أحبابهم وتوسلوا في طلب الوصال، وتلطفوا في طلب الرضا والمساعدة على الهوى. أكذا قال قيس بن ذريح وعبد الله بن العجلان النهدي وعروة بن حزام وأبو ذؤيب وقيس المجنون وجميل بثينه وكثير عزة. أكذا تغزل عمر بن أبي ربيعة والحارث بن خالد والعباس بن الأحنف. أما سمع قول أبي الطيب:
زيدي أذىً مهجتي أزدك هوى ... فاجهل الناس عاشقٌ حاقد
وقول أبي فراس:
أساء فزادته الإساءة حظوةً ... حبيبٌ على ما كان منه حبيب
يعدّ عليّ الواشيان ذنوبه ... ومن أين للوجه الجميل ذنوب
وقول الآخر.
لئن ساءني أن نلتني بمساءةٍ ... لقد سرّني أني خطرت ببالك
وقول الآخر:
ويدلّ هجركم على ... أني خطرت ببالكم
أما سمع قول المعري:
لغيري زكاةٌ من جمالٍ فإن تكن ... زكاة جمالٍ فاذكري ابن سبيل
ما أحلى قول: فاذكري ابن سبيل إن أخرجت زكاة جمالك، لم يأمرها بصرفها إليه ولا أوجبها عليها بل قال: إن كان شيء، فاذكري ابن السبيل المستحق.
ومن هذا قول كثير عزة:
لئن كان يهدى برد أنيابها العلى ... لأفقر مني إنني لفقير
على أن معناه مشكل إذا تأملته حتى التأمل، وليس هذا مكان الكلام عليه. وما ألطف ابن سناء الملك في قوله:
وغانيةٍ لم تعد عشرين حجةً ... أقول لها قولا لديه صواب
عليك زكاةٌ فاجعليها وصالنا ... فعمرك في العشرين وهي نصاب
وقول ناصر الدين بن النقيب:
لقد وجبت عليك زكاة حسنٍ ... وفيه كمثل ما في المال حق
فلا تعدل به عني فاني ... لمصرفه الفقير المستحق
أما سمع بقول جميل بن معمر العذري.
لا خير في الحب وقفا لا تحركه ... عوارض اليأس أو يعتاده الطمع
لو كان صبرها أو عندها جزعي ... لكنت أعرف ما آتي وما أدع
وقول أبي الطيب:
وأحلى الهوى ما شكّ في الوصل ربّه ... وفي الهجر، فهو الدهر يخشى ويتّقي
وقول كشاجم:
لولا اطراد الصيد لم تك لذةٌ ... فتطاردي لي بالوصال قليلا
هذا الشراب أخو الحياة وما له ... من لذةٍ حتى يصيب غليلا
وقول العباس بن الأحنف:
وأحسن أيام الهوى يومك الذي ... تروّع بالهجران فيه وبالعتب
إذا لم يكن في الحب سخطٌ ولا رضىً ... فأين حلاوات الرسائل والكتب
وقول علية بنت المهدي:
وضع الحب على الجور فلو ... أنصف المعشوق فيه لسمج
ليس يستحسن في شرع الهوى ... عاشق يحسن تأليف الحجج
أما سمع بقول محمد بن بشير الخارجي:
ولقد أردت الصبر عنك فعاقني ... علقٌ بقلبي من هواك قديم
يبقى على ريب الزمان وصرفه ... وعلى جفائك إنه لكريم
وما أحسن قول العباس بن الأحنف حين عنف أحبابه على المطل بالوصل:
كأن لم يكن بيني وبينكم هوى ... ولم يك موصولا بحبلكم حبلي
وإني لأستحيي لكم من محدّثٍ ... يحدث عنكم بالملالة والمطل
حكى الشبلي رحمه الله تعالى قال: رأيت يوم جمعة معتوها عند جامع الرصافة قائما عريان وهو يقول: أنا مجنون الله، أنا مجنون الله، فقلت: لم لا تدخل الجامع وتتوارى وتصلي؟ فأنشد يقول:
يقولون زرنا واقض واجب حقنا ... وقد أسقطت حالي حقوقهم عني
إذا أبصروا حالي ولم يأنفوا لها ... ولم يأنفوا منها أنفت لهم مني

نام کتاب : نصرة الثائر على المثل السائر نویسنده : الصفدي    جلد : 1  صفحه : 60
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست