نام کتاب : نشأة النثر الحديث وتطوره نویسنده : الدسوقي، عمر جلد : 1 صفحه : 197
ونراه يفضح ما يقوم به بعض المتفقهين في الذين من التحايل على الشرع، والجرأة على مخالفة أسراره وحكمته بالتأويل الكاذب، والفهم الخاطئ، والنوايا السيئة كما عرضه لحال الرجل الذي كان يصرخ يوم الحساب ويقول: "أهلكتني يا أبا حنيفة"، "فذنبه أنه كان يعمد إلى الأحكام الشرعية فنتزع منها حكمًا وأسرارها، ثم يرفعها إلى الله قشورًا جوفا ليخدعه بها، ويغشه فيها كما يفعل مع الأطفال والبله، مستندًا على تقليد أبي حنيفة أو غيره من كبار الأئمة، وأبو حنيفة أرفع قدرًا، وأهدى بصيرة، من أن يتخذ الله هزؤا وسخرية، وأن يكون ممن يهدمون الدين باسم الدين".
ولا ننسى أن المنفلوطي لقي ممن يتظاهرون بالتدين عنتا كثيرًا حينما كانوا يعنفونه، ويلومونه على اشتغاله بالأدب ويعدون ذلك خروجًا عن الجادة، ويعدا عن الدين، ولهذا نراه يدعو الناس ألا ينخدعوا بالمظاهر الكاذبة والمراءاة "وما هذه اللحية والسبحة والهمهمة والدمدمة إلا حبائل كان ينصبها لاصطياد عقول الناس وأموالهم، ولكن الناس لا يعملون".
وعلى الرغم من أنه غير متزمت في دينه إلا أن ثمة أمرين لم يتساهل فيهما قط: أولهما حجاب المرأة، وقد لام قاسم أمين في أكثر من مقالة على دعوته الجريئة، بل عد تلك الدعوة من الآثام التي سيحاسب عليها قاسم أمين يوم القيامة حسابًا عسيرًا، فيذكر في مقاله "يوم الحساب" محاولة بين الشيخ محمد عبده وقاسم أمين، يقول أولهما للثاني:
- ليتك يا قاسم أخذت برأيي، وأحللت نصحي لك محلًا من نفسك، فقد كنت أنهاك أن تفاجئ المرأة المصرية برأيك في الحجاب قبل أن تأخذ له عدته من الأدب والدين، فجنى كتابك عليها ما جناه من هتك حرمتها وفسادها وتبذلها، وإراقة تلك البقية الصالحجة التي كانت في وجهها من ماء الحياء.
وأما ثانيهما فهو الإلحاد في الدين، وفساد العقيدة، وكثر من مقالاته تفصح عن تهجمه الشديد على الإلحاد، وفي تتمة الحوار بين الشيخ محمد عبده وقاسم أمين، يقول ثانيهما للأول:
نام کتاب : نشأة النثر الحديث وتطوره نویسنده : الدسوقي، عمر جلد : 1 صفحه : 197