نام کتاب : نزهة الأبصار بطرائف الأخبار والأشعار نویسنده : عبد الرحمن بن درهم جلد : 1 صفحه : 93
وغرور دنياك التي تسعى لها ... دار حقيقتها متاع يذهب
وجميع ما حصلته وجمعته ... حقاً يقيناً بعد موتك ينهب
تباً لدار لا يدوم نعيمها ... ومشيدها عما قليل يخرب
فاسمع هديت نصائحاً أولاً كها ... بر نصوح للأنام مجرب
لا تأمن الدهر الخؤون فإنه ... ما زال قدماً للرجال يهذب
وكذلك الأيام في غصاتها ... مضض يذل له العزيز الأنجب
ويفوز بالمال الحقير مكانة ... فتراه يرجى ما لديه ويرغب
ويسير بالترحاب عند قدومه ... ويقام عند سلامة ويقرب
فاقنع ففي بعض القناعة راحة ... فلقد كسى ثوب المذلة أشعب
لا تحرصن فالحرص ليس بزائد ... في الرزق بل يشقى الحريص ويتعب
كم عاجز في الناس يؤتى رزقه ... رغداً ويحرم كيس ويخيب
فعليك تقوى الله فالزمها تفز ... إن التقي هو البهي الأهيب
وأعمل بطاعته تنل منه الرضى ... إن المطيع لربه لمقرب
أد الأمانة والخيانة فاجتنب ... وأعدل ولا تظلم يطب المكسب
وأحذر من المظلوم سهماً صائباً ... وأعلم بأن دعاءه لا يحجب
وأخفض جناحك للأقارب كلهم ... بتذلل وأسمح لهم إن أذنبوا
وإذا بليت بنكبة فاصبر لها ... من ذا رأيت مسلماً لا ينكب؟
وإذا أصابك في زمانك شدة ... واصابك الخطب الكريه الأصعب
فادع لربك إنه أدنى لمن ... يدعوه من حبل الريد وأقرب
وأحذر مؤاخاةت الدني فإنها ... تعدي كما يعدي الصحيح الأجرب
وأختر صديقك واصطفيه تفاخراً ... إن القرين إلى المقارن ينسب
ودع الكذوب ولا يكن لك صاحباً ... إن الكذوب لبئس خلا يصحب
وذر الحقود ولو صفا لك مرة ... وأبعده من رؤياك لا يستجلب
إن الحقود وإن تقادم عهده ... فالحقد باق في الصدور مغيب
واحذر لسانك وأحترز من لفظه ... فالمرء يسلم باللسان ويعطب
وزن الكلام إذا نطقت ولا تكن ... ثرثارة في كل ناد يخطب؟
والسرفا كتمة ولا تنطق به ... فهو الأسير لديك إذا لا ينشب
وأحرص على حفظ القلوب من الأذى ... فرجوعها بعد التنافر يصعب
إن القلوب إذا تنافر ودها ... شبه الزجاجة كسرها لا يشعب
وأحذر عدوك إذا تراه باسماً ... فالليث يبدو نابه إذ يغضب
وإذا الصديق رأيته متملقاً ... فهو العدو وحقه يتجنب
لا خير في ود أمرئ متملق ... حلو اللسان وقلبه يتلهب
يعطيك من طرف اللاسن حلاوة ... ويروغ منك كما يروغ الثعلب
يلقاك يحلف إنه بك واثق ... وإذا توارى عنك فهو العقرب
وإذا رأيت الرزق ضاق ببلدة ... وخشيت فيها أن يضيق المذهب
فارحل فأرض الله واسعة الفضا ... طولاً وعرضاً شرقها والمغرب
فلقد نصحتك إن قبلت نصيحتي ... فالنصح أغلى ما يباع ويوهب
خذها إليك نصيحة منظومة ... جاءت كنظم الدر بل هي أعجب
حكم وآداب وجل مواعظ ... أمثالها لذوي البصائر تكتب
قصيدة
أبي الفتح البستي قال رحمه الله تعالى:
زيادة المرء في دنياه نقصان ... وربحه غير محض الخير خسران
وكل وجدان حظ لا ثبات له ... فإنى معناه في التحقيق فقدان
يا عامراً لخراب الدهر مجتهداً ... بالله هل لخراب العمر عمران
ويا حريصاً على الأموال يجمعها ... أنسيت أن سرور الملك أحزان
زع الفؤاد عن الدنيا وزينتها ... فصفوها كدر والوصل هجران
وأرع سمعك أمثالاً أفصلها ... كما يفصل ياقوت ومرجان
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم ... فطالما استبعد الإنسان إحسان
يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته ... فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان
وكن على الدهر معواناً لذي أمل ... يرجو نداك فإن الحر معوان
واشدد يديك بحبل الله معتصماً ... فإنه الركن إن خانتك أركان
من يتق الله يحمد في عواقبه ... ويكفه شر من عزوا ومن هانوا
من استعان بغير الله في طلب ... فإن ناصره عجز وخذلان
من كان للخير مناعاً فليس له ... على الحقيقة إخوان وأخدان
نام کتاب : نزهة الأبصار بطرائف الأخبار والأشعار نویسنده : عبد الرحمن بن درهم جلد : 1 صفحه : 93