نام کتاب : نزهة الأبصار بطرائف الأخبار والأشعار نویسنده : عبد الرحمن بن درهم جلد : 1 صفحه : 43
وأيامنا إذا نحن في الدار جيرة ... واذ دهرنا بالصل غير ذميم
قال: ويقال أن أكثر المياه في الجبال من أسفلها إلا أروند فإن ماءة من أعلاه ومنابعه في ذروته. قال بعض شعرائهم يفضله على بغداد ويتشوقه:
وقالت نساء الحي اين ابن أختنا ... إلا خبرونا عنه حييتم وفدا
رعاه ضمان الله هل في بلادكم ... أخو كرم يرعى لذي حسب عهده
فإن الذي خلفتموه بأرضكم ... فتىً ملأ الأحشاء هجرانه وجدا
أبغدادكم تنسيه أروند مربعاً ... ألا خاب من يشري ببغداد أروند
فدتهن نفسي لو سمعن بما أرى ... رمى كل جيد من تنهده عقدا
وقال محمد بن بشير الهمذاني يصف أروند:
سقياً لظلك يا أروند من جبل ... وان رميناك بالهجران والملل
هل يعلم الناس ما كلفتني حججاً ... من حب مائك إذا يشفي من العلل
لازلت تكسى من الأنواء أردية ... من ناضر أنق أو ناعم خضل
حتى تزور العذارى كل شارقة ... أفياء سفحك يستصبين ذا الغزل
وأنت في حلل والجو في حلل ... والبيض في حلل والروض في حلل
وقال محمد بن بشير أيضاً يصف أروند:
تزينت الدنيا وطابت جنانها ... وناح على أغصانها ورشانها
وأمرعت القيعان واخضر نبتها ... وقا على الوزن السواء زمانها
وجاءت جنود من قرى الهند لم تكن ... لتأتي إلا حين يأتي أوانها
مسودة دعج العيون كأنما ... لغات بنات الهند تحكي لسانها
لعمرك ما في الأرض شيء نلذه ... من العيش إلا فوقه همذانها
إذا استقبل الصيف الربيع وأعشبت ... شماريخ من أروند شم قنانها
وهاج عليهم بالعراق وأرضه ... هواجر يشوي أهلها لهبانها
سقتك ذرى أروند من سيح ذائب ... من الثلج أنهاراً عذاباً رعانها
ترى الماء مستناً على ظهر صخره ... ينابيع يزهي حسنها واستنانها
كأن بها شوباً من الجنة التي ... تفيض على سكانها حيوانها
فياساقي الكأس اسقينها مدامة ... على روضة يشفي المحب جنانها
مكللة بالنور تحكي مضاحكاً ... شقائقها في غاية الحسن بانها
كأن عروس الحي بين خلالها ... قلائد ياقوت زهاها اقترانها
تهاويل من حمر وصفر كأنها ... ثنايا العذارى ضااحكاً أقحوانها
قال طاهر بن عبد الله بن طاهر الطبري القاضي الشافعي رحمه الله: كتبت إلى ابي العلاء المعري حين ورد بغداد
وما ذات در لا يحل لحالب ... تناوله واللحم منها مجلل
لمن شاء في الحالين حياً وميتاً ... ومن رام شرب الدر فهو مجلل
إذا طعنت في السن فاللحم طيب ... وآكله عند الجميع مغفل
وخرفانها للأكل فيها كزازة ... فما لحصيف الرأي فيهن مأكل
وما يجتني معناه إلا مبرز ... عليم بأسرار القلوب محصل
فاجابني وأملى على الرسول في الحال:
جوابان عن هذا السؤال كلاهما ... صواب وبعض القائلين مضلل
فمن ظنه كرماً فليس بكاذب ... ومن ظنه نخلاً فليس يجهل
لحومهما الأعناب والرطب الذي ... هو الحل والدر الرحيق المسلسل
ولكن ثمار النخل وهي غضيضة ... تمر وغض الكرم يجنى ويؤكل
يكلفني القاضي الجليل مسائلاً ... هي النجم قدراً بل أعز وأطول
ولو لم أجب عنها لكنت بجهلها ... جديراً ولكن من يودك مقبل
فاجبته بقولي:
أثار ضميري من يعز نظيره ... من الناس طراً سابغ الفضل مكمل
ومن قلبه كتب العلوم بأسرارها ... وخاطره في حدة النار مشعل
تساوى له سر المعاني وجهرها ... ومعضلها باد لديه مفصل
ولما أثار الحب قاد منيعه ... أسيراً بأنواع البيان مكبل
وقربه من كل فهم بكشفه ... وأيضاحه حتى رآه المغفل
وأعجب منه نظمه الدر مسرعاً ... ومرتجلاً من غير ما يتمهل
فيخرج من بحر ويسمو مكانه ... جلالاً إلى حيث الكواكب نزل
فهنأه الله الكريم بفضله ... محاسنه والعمر فيها مطول
فأجاب مرتجلاص وأملى على الرسول:
إلا أيها القاضي الذي بدهائه ... سيوف على اهل الخلاف تسلل
فؤادك معمور من العلم آهل ... وجدك في كل المسائل مقبل
نام کتاب : نزهة الأبصار بطرائف الأخبار والأشعار نویسنده : عبد الرحمن بن درهم جلد : 1 صفحه : 43