نام کتاب : نزهة الأبصار بطرائف الأخبار والأشعار نویسنده : عبد الرحمن بن درهم جلد : 1 صفحه : 362
ولست أدكر الماضين مفتخراً ... لكن أقيم بهم ذكرى لمدكر
وكيف يفتخر الباقون في عمهٍ ... بدارس من هدى الماضين مندثر
لهفي على العرب أمست من جمودهم ... حتى الجمادات تشكو وهي في ضجر
أين الجحاجح ممن ينتمون إلى ... ذؤابة الشرف الوضاح من مضر
قوم هم الشمس كانوا والورى قمر ... ولا كرامة لولا الشمس للقمر
راحوا وقد أعقبوا من بعدهم عقباً ... ناموا على الأمر تفويضاً إلى القدر
أقول والبرق يسري في مراقدهم ... (يا ساهر البرق أيقظ راقد السمر)
يا أيها العرب هبوا من رقادكم ... فقد بدا الصبح وانجابت دجى الخطر
كيف النجاح وأنتم لا اتفاق لكم ... والعود ليس له صوت بلا وتر
ما لي أراكم أقل الناس مقدرة ... يا أكثر الناس عداً عير منحصر
وقال مواسياً لصديق له قد أضاعه أصحابه وجفاه أحبابه:
علام حرمنا منذ حين تلاقيا ... أفي سفر قد كنت أم كنتلا هياً
عهدناك لا تلهو عن الخل ساعة ... فكيف علينا قد أطلت التجافيا
ومالي أراك اليوم وحدك جالساً ... بعيداً عن الخلان تأبى التدانيا
أنابك خطب أم عراك تعشق ... فإني أرى حزناً بوجهك باديا
وما بال عينيك اللتين أراهما ... تديران لحظاً يحمل الحزن واهيا
وأي جوى قد عدت أصفر فاقعاً ... به بعد أن كنت احمر قانيا
تكلم فما هذا الوجوم فإنني ... عهدتك غرِّيداً بشعرك شادياً
تجلد تجلد يا سليم ولا تكن ... بما ناب من ظروف الزمان مباليا
ولا تبتئس بالدهر إن خطوبه ... سحابة صيف لا تدوم ثوانيا
فقال ولم يملك بوادر أدمع ... تناثرن حتى خلتهن لآليا
لقد هجتني يا أحمد اليوم بالأسى ... وذكرتني ما كنت بالأمس ساليا
أتعجب من حزني وتعلم انني ... قريع تباريح تشيب النواصيا
لقد عشت في الدنيا أسيفاً وليتني ... ترحلت عنها لا عليَّ ولا ليا
وقد كنت أشكو الكاشحين من العدى ... فأصبحت من جور الأخلاء شاكياً
وما رحت استشفي القلوب مداوياً ... من الحقد إلا عدت عنها كما هي
وداريت حتى قيل لي متملق ... وما كان من داء التملق دائيا
وحتى دعاني العزم أن خلِّ عنهم ... فإن صريح الرأي أن لا تداريا
ورب أخ أوقرت قلبي بحبه ... فكنت على قلبي بحبه جانيا
فإن أحق الناس بالرحمةامرؤ ... أضاع وداداً عند من ليس وافياً
وما كان حظي وهو من الشعر ضاحك ... ليظهر إلا في سوى الشعر باكيا
ركبت بحور الشعر رهواً ومائجاً ... وأقحمت منها كل هول يراعيا
وسيرت سفني في طلاب فنونه ... وألقيت في غير المديح المراسيا
وقلت اعصني في الشعر يا مدح إنني ... أرى الناس موتى تستحق المراثيا
ولو رضيت نفسي بأمر يشينها ... لما نطقت بالشعر إلا أهاجيا
وكم قال يعني حيتن أنشدت مادحاً ... إلي الندى ناع فأنشدت راثيا
وكم بشرتني بالوفاء مقالة ... فلما انتهت للفعل كانت مناعيا
فلما بكى أمسكت فضل ردائه ... وكففت دمعاً فوق خديه جاريا
وقلت له هوِّن عليك فإنما ... تنوب دواهي الدهر من كان داهيا
وما ضر أن أصفيت ودك معشراً ... من الناس لم يجنوا لك الود صافيا
كفى مفخراً أن قد وفيت ولم يفوا ... فكنت الفتى الأعلى وكانوا الأدانيا
لعل الذي أشجاك يعقب راحة ... فقد يشكر الإنسان ما كان شاكيا
ألا رب شر جر خيراً وربما ... يجر تجافينا إلينا التصافيا
فلو أن ماء البحر لم يك مالحاً ... لرحنا من الطوفان نشكو الغواديا
ولولا اختلاف الجذب والدفع لم تكن ... نجوم بأفلاك لهن جواريا
وكيف نرى للكهرباء ظواهراً ... إذا هي في الاثبات لم تلق نافيا
تموت القوى إن لم تكن في تباين ... ويحيين ما دام التباين باقيا
فلا تعجبن من أننا في تنافر ... ألم تر التنافر في الكون ساريا
وهبهم جفوك اتليوم بخلاً بودهم ... ألم تغن عنهم ان ملكت القوافيا
فطر في سموات القريض مرفرفاً ... واطلع لنا في النجوم الدراريا
نام کتاب : نزهة الأبصار بطرائف الأخبار والأشعار نویسنده : عبد الرحمن بن درهم جلد : 1 صفحه : 362