نام کتاب : نزهة الأبصار بطرائف الأخبار والأشعار نویسنده : عبد الرحمن بن درهم جلد : 1 صفحه : 230
شكوت إليك ما ألقى وإني ... أرى الهم المبرح في اتساع
جوى يزداد في قلبي وينمو ... نمو النار بالجزل اليراع
أبعداً واغتراباً واشتياقاً ... وفقدان الأنيس بذي البقاع
فلا وأبيك ما هذا بعيش ... لنفس حرة ذات امتناع
عسى المولى المهيمن ذو العطايا ... يلم الشعب بعد الانصداع
ويجمعنا بمن نهوى قريباً ... وتسكن غلة القلب المراع
فقلت مجيباً له:
أيا من قد حوى كرم الطباع ... ومن هوى للطائف خير واع
وكنز جواهر الآداب حقاً ... وجامعها المقيد بلا نزاع
أتاني منك مرقوم عزيز ... بديع النظم يقصر عنه باعي
تذكرني به ما منه أضحى ... فؤادي ي اشتعال والتياع
أتحسب يا ابن النورين أني ... هممت بفرقة بعد اجتماع
ولا والله ربي لم يكن لي ... مرام في نوى أو في انقطاع
ولكني ابتليت بمعضلات ... غدا في حلها يجري يراعي
ومنها كنت مضطرباً لأني ... بها والله راحم كل داع
ولولاها أجل بني المعالي ... وأحمدهم لما كان اندفاعي
ومثلك لا يمل وأنت مغني اللبيب ومؤنسي في ذي البقاع
فظن بذي الوداد المحض خيراً ... ودم واسلم بعز وارتفاع
وقالت مكاتباً له أيضاً:
أعندك ما عندي من الشوق والوجد ... وهل أنت باق في المحبة والعهد؟
أكابد أشجانا توقد نارها ... بقلبي المعنى من بعادك والصد
وصدك عن مضناك داء دواؤه ... تدانيك من بعد القطيعة والبعد
فحتام تجفو من إليك اشتياقه ... تضاعف يا نجم المحاسن والسعد؟
فو الله لولا أن مأواك في الحشا ... لأحرقه الشوق المبرح بالوقد
وإني وإن أخفت ما بي من الأسى ... عن الناس لا يخفاك يا منتهى قصدي
أيخفى غرامي وارتماضي بذا الهوى ... عليك وأشعاري تبين ما عندي
فعطفاً لمن لا يستلذ بعيشه ... لبعدك وارحم من تضعضع للود
وها أنا ذاك اللوذعي ومن له ... مكارم أخلاق تفوق عن العد
وعمدة أرباب البلاغة والحجى ... وواحد هذا العصر أكرم بذا الفرد
دع الصد واسلك في المودة والوفا ... سلوك أبن ذي النورين ذي الفضل والرشد
هو عبد الله نخبة قادة ... بهم عرف المعروف حجتنا المهدي
خلاصة أهل الجود لله دره ... فمن مثله في العلم والحلم والرفد؟
كريم إذا استمطرت يوماً أكفه ... همت باللهى من دون برق ولا رعد
عليه رضى الرحمنما قال شتى ... أعندك ما عندي من الشوق والوجود
فأجابه لافظ فوه:
نعم إن نيران الصبابة والوجد ... لها في الحشا وقدٌ يزيد مع الصد.
ألا قاتل الله الهوى ما أمره ... وأسرعه في هتك كل فتى جلد.
إذا رام ستراً للذي في فؤاده ... عصته أماقيه فسالت على الخد.
خليلي مالي والهوى تستفزني ... وما أنا بالخالي وما أنا بالوغد.
ولي همة تسموا إلى كل غاية ... من المجدلا للخال والأسود الجعد.
ولا لغزال أنعس الطرف أكحل ... له وجنة حسناء تهزأ بالورد.
ولا لقوام يشبه الغصن الناعم ... إذا ما أثنى يثني إليه أخوه الزهد.
ولا لرحيثق من لمى الثغر بارد ... إذا أمتصه ذو لوعة راح بالرشد.
ولكني نفسي قد تضاعف شوقها ... إلى صاحب صاف سجاياه كالشهد.
حليف تقى لا ينقض الدهرعزمه ... أخو ثقة ما ذاع يوماً عن القصد.
كريم حليم عالم متورع ... عفيف صبور كامل الوصف ذوود.
أعاطية من كأس المحبة شربة ... يزيد ظماها كلما زيد في الورد.
له خلق زاك أمد بنظره ... من الملك الديان سامي السما الفرد.
كأخلاق زاكي الأصل والفرع أحمد ... له محتد يسمو إلى قمة المجد.
هو البحر إلا أنه غير جازر ... هو البدر إلا أنه كامل القد.
تراه إذا أم العفاة فناءه ... يكمهم مبا فيها من النقد.
ومن طارد ثم التليد جميعة ... فيوسعهم سيباً وحسبك من رفد.
فلا زال طول الدهر يسمو ويرتقي ... إلى رتبة من دونها أنجم السعد.
وختم كلامي بالصلاة على الذي ... هو السبب الداعي إلى مهيع الرشد.
نام کتاب : نزهة الأبصار بطرائف الأخبار والأشعار نویسنده : عبد الرحمن بن درهم جلد : 1 صفحه : 230