وروي أن ملكاً قال لصاحب خيله: قدم لي الفرس الأبيض، فقال له وزيره: أيها الملك، لا تقل الفرس الأبيض، فإنه عيب يخل بهيبة الملك، ولكن قل الفرس الأشهب، فلما حضر الطعام قال لصاحب السماط: قدم الصحن الأشهب، فقال له الوزير: قل ما شئت فما لي حيلة في تقويم لسانك. وحكي أن الاسكندر استعرض جنده فتقدم إليه رجل على فرس أعرج، فأمر بإسقاطه فضك الرجل، فاستعظم ضحكه في ذلك المقام، فقال له: ما أضحكك وقد أسقطتك، قال: أتعجب منك تحتك آلة الهرب وتحتي آلة الثبات ثم تسقطني، فأعجب بقوله وأثابه. وعرض عمرو بن الليث عسكره فمر به رجل على فرس أعجف فقال: لعن الله هؤلاء يأخذون المال ويسمنون به أكفال نسائهم فقال له: أيها الأمير لو نظرت إلى كفل امرأتي لرأيته أهزل من كفل دابتي فضحك وأمر له بمال، وقال: خذه وسمن به كفل امرأتك ودابتك.
وحكي أن المتوكل على الله سقط عن فرسه فقال أبو الإصبع عبد العزيز البطليوسي:
لا عتب للطرف إن ذلت قوائمه ... ولا يدسه من عائب دنس
حملت جوداً وبأساً فوقه ونهى ... وكيف يحمل هذا كله الفرس
وركب ذو الرياستين متصيداً في يوم غيم، نضح رذاذه وجه الثرى، فسقط به فرسه، فشمت به أحد أعدائه، فقال في الحال:
إني سقطت ولا جبن ولا خور ... وليس يدفع ما قد شاءه القدر
لا يشمتن حسودي إن سقطت فقد ... يكبو الجواد وينبو الصارم الذكر
وقال أبو حامد الحسين بن شعيب حين كبا به فرسه فحصل في أسر العدو:
وكنت أعد طرفي للرزايا ... يخلصني إذا جعلت تحوم
فأصبح للعدى عوناً لأني ... أطلت أعنانه فأنا الظلوم
وكم دامت مسراتي عليه ... وهل شيء على الدنيا يدوم
وزلت بغلة الأتابك صاحب الموصل تحته، فسقط فقال أبو السعادات المبارك:
إن زلت البغلة من تحته ... فإن في زلتها عذار
حملها من علمه شاهقاً ... ومن ندى راحته بحرا