ذكر الختلي في كتاب (الفروسية) من حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما: "أن النبي صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل وجعل بينهما مجالاً، وقال: لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل" زاد أبو البخري - بالخاء المعجمة - قاضي المدينة المنورة في الحديث كلمة (أو جناح) كذباً. فلما بلغ هارون الرشيد ذلك أمر بذبح الحمام فقيل له: ما ذنبها؟ قال: زيادة (أو جناح) في الحديث كذباً على رسول الله صلى الله عليه وسلم. ذكر أيضاً حديث عبد الله بن نافع عن عمر رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل وراهن". وحديث واصل مولى أبي عيينة عن موسى بن عبيدة قال: "قلت لابن عمر: أكنتم تراهنون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لقد راهن على فرس له". وعن أبي لبيد قال: "قلت لأنس بن مالك: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يراهن على الخيل؟ قال أي: والله لقد راهن على فرس له يقال لها سبحة فسبقت فهش لذلك وأعجبه. وهي فرس شقراء ابتاعها من أعرابي من جهينة بعشر من الإبل؛ وسابق عليها يوم خميس ومد الجعل بيده ثم خلى عنها ومسح عليها، فأقبلت الشقراء حتى أخذ صاحبها العلم، وهي تفر في وجوه الخيل فسميت سبحة الرهان" الجعل: الذي يقع عليه السباق، ويقال لما يوضع في الرهان، والنضال: الخطر، والسبق: - بإسكان الباء - والذرب والقرع والوجب، قال الخطابي: والرواية الصحيحة - بفتح الباء - أي: أن الجعل والعطاء لا يستحق إلا في سباق الخف، أي: ذي الخف، وهي: الإبل أو الحافر، وهي الخيل، أو النصل أي: الرمي بالسهام. وقال أبو الفضل عياض: "لا تجوز المراهنة في غيرهم عند الأئمة الأربعة، وأما الرهان بغيرها فلا يجوزه الأكثر". والمسابقة على الأقدام جائزة؛ لمسابقة النبي صلى الله عليه وسلم عائشة، وقد تكون من باب المسابقة المرغب فيها لما فيها من التدريب والتجربة للحاجة إلى السابق على قدميه، كما يحتاج إلى السباق على الخيل، وروي عن عطاء: "السبق في كل شيء جائز" أي: بغير رهان، وإلا كان من باب الميسر المنهي عنه. وعن سعيد بن المسيب "ليس في رهان الخيل بأس، إذا أدخلوا فيها محللاً، ليس دونها إن سبق أخذ السبق، وإن سبق لم يكن عليه شيء". وعن أبي هريرة: "عن النبي صلى الله عليه وسلم: من أدخل فرساً بين فرسين وهو لا يؤمن أن يسبق فليس بقمار، ومن أدخل فرساً بين فرسين، وقد أمن أن يسبق فهو قمار"، فالمحلل: أي الفرس المدخل بين المتسابقين إن كان كفواً يخاف أن يسبقهما فيحرز السبق جاز، وإلا فلا، وكان إدخاله بينهما لغواً. وقال القاضي: "لا خلاف في جواز المراهنة في المسابقة إن أخرج الأمير سبقاً يكون للسابق، ولا فرس له بينهما، أو يخرج أسباقاً أحدها للسابق، والثاني للمصلي، والثالث للتالي وهكذا". ويأخذون السبق على ما اشترط، أو أخرج أحد الناس السبق تطوعاً ولا فرس له في الحلبة؛ لأن ذلك من باب التفضل على السابق وإكرامه به. والمتفق على عدم جوازه: أن يخرج كل من المتسابقين سبقاً ويضعاهما عند مؤتمن والسابق منهما يأخذهما فهذا قمار عند مالك والشافعي وسفيان، وأما إذا كان بينهما محلل إن سبق أحرز السبق وإلا فلا شيء عليه فقد أجازه ابن المسيب، وقال بجوازه مالك مرة، والمشهور عنه عدم جوازه وقال الشافعي: إن سبق المحلل أحرز السبق كله وإن سبق أحد المتسابقين أحرزه وإن تساويا في السبق كان لكل واحد منهما ما أخرجه، وإن سبق أحدهما المحلل، وتأخر الآخر أحرز السابق سبق المتأخر. واختلفوا فيمن أخرج سبقاً وله فرس في الحلبة، واشترط إن سبق حبس سبقه وإن سبق يكون للسابق. فأكثر العلماء أجازه، وهو أحد قولي مالك والشافعي وأبي حنيفة. وقالوا: الأسباق على ملك أربابها وهم فيها على شروطهم، ومنعه مالك في رواية أخرى، وقال: إنما يأخذه من حضر. إن سبق مخرجه، ويجوز السبق على المصارعة. وقد "صارع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركانة بن عبيد بن زيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف حين لقيه ببطحاء مكة ومعه غنم له، فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم على سبق، ثم سأله العود فصرعه ثانية فأسلم، فرد النبي صلى الله عليه وسلم عليه غنمه. وأول من حرم القمار في الجاهلية الأقرع بن حابس رضي الله عنه - وهو أحد حكام العرب في الجاهلية، وكان يحكم في كل موسم -. واشترط لوضع الرهان في المسابقة: أن