responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نثر الدر في المحاضرات نویسنده : الآبي    جلد : 5  صفحه : 128
وَقَالَ: يَا بُنَ أدَمَ تعفَّفْ عنَ مَحارم الله تكُن عابداً، وارْضَ بِمَا قَسَم اللهُ لكَ مِن الرزق تكُنْ غَنِيا. صَاحب الناسَ بِمَا تُحبُّ أنْ يُصاحِبُوكَ بهِ تكُنْ عَدْلاً، وإيَّاكَ وكثرةَ الضَّحكِ فإنَّه يُميتُ القَلْبَ. لقَدْ كانَ قَبلَكَ أقْوامٌ جَمَعُوا كَثيراً، وأمَّلوا بَعيداً، وبَنَوْا شَدِيدا، فأصْبحَ جمْعُهم بُوراً، ومَسَاكنهُم قُبوراً، وأمَلُهْم غُرُوراً. وقالَ: يَا بْنَ آدَمَ لَا تُجاهِدِ الطّلب جهادَ الغَالِب، وَلَا تَتَّكلْ علَى القَدَر اتكالَ المُسْتسْلم، فإنَّ ابتغاءَ الْفضل من الشرةِ، والإجُمالَ فِي الطَّلب مِنْ العِفَّةِ، وليْسَتِ العِفَّةُ بدافعة رزْقاً، وَلَا الحِرصُ بجالب فضْلاً، وإنَّ مِن الحِرصُ اكتسابَ الإثْم. وقَالَ: اشْكُرْ لِمنْ أنُعَمَ عليكَ، وأنعِمْ على مَنْ شَكَر لَكَ، فإنَّهُ لَا زَوَالَ للنعم إِذا شَكَرْتَهَا، وَلَا إدَامةً إِذا كَفَرْتَهَا، والشَّكُر زَيادةٌ فِي النِّعم، وأمَانٌ من الغِيرَ. وقالَ: إنَّ الله تباركَ وَتَعَالَى لمْ يقْصُصْ عليْنا ذُنُوبَ الأنبياءِ عليْهم السلامُ تعييراً لهُمْ، إِلَّا إزْرَاءً بهمْ، ولكنَّهُ قَصَّها عليْنَا كليلا نَيْأًس من التَّوْبَة. وَقَالَ: مثلُ المنافِق مَثلُ الدِّرْهَم القسي ينفُق فِي النَّاس مَا لمْ يُعرفُ، فَإِذا عُرفِ كسدَ. وَقيل لهُ: أيحسد المؤمنُ أخاهُ؟ قَالَ: لَا أبَالَك؟ إنِستَ إخُوَةَ يُوسف عليْهِ السلامُ. وقالَ: أوْعَد عمُر فَعوفي، وأوْعَد زيادٌ فابْتلُي. عادَ الحسنُ عبد الله بن الأهْتَم فِي مرضِهِ الَّذِي ماتَ فِيهِ، فأقْبلَ عبدْ الله بضْربُ ببَصرِه إِلَى صُنْدوق فِي جَانبِ البيْتِ، ثمَّ قالَ للحَسن، يَا أَبَا سعيد: مَا تقُولُ فِي ماِئة ألف من هَذَا الصُّندوقِ لم يؤد مِنْهَا زكاةٌ، ولمْ يُوصَلْ بِها رحمٌ؟ فَقَالَ الْحسن ثكلتك أمك فَلم أعددتها قَالَ أعددتها لورعة الزَّمَان ومكاثرةِ الإخْوانِ، وجَفْوةِ السُّلطانِ، ثمَّ مَاتَ فحضَر الحسنُ جنازتهُ فَلَمَّا دفِنَ ضَربَ بإحْدى يديهِ على الْأُخْرَى، ثمَّ قَالَ: إنْ هَذَا أتَاهُ شيْطانُهُ، يخذرهُ روية زَمَانه، وجفوةَ سلْطانه، ومكَاثُرة إخْوانِهِ فِيمَا اسْتودَعَهُ اللهُ إيَّاهُ، ثُمَّ خرجَ منْه حَريباً سليباً لم يؤدِّ مِنْها زَكَاة، ولمْ يصل مِنْهَا رحِماً. ثمَّ التفَتَ فَقالَ: أيُّها الوارِثُ كلْ هَنِيئًا، فقَد

نام کتاب : نثر الدر في المحاضرات نویسنده : الآبي    جلد : 5  صفحه : 128
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست