نام کتاب : نثر الدر في المحاضرات نویسنده : الآبي جلد : 1 صفحه : 266
قَالَ الصولى: كَانَ يحيى بن عمر كثير الْمقَام بِبَغْدَاد، وَمَا شرب شرابًا يسكر قطّ، وَلكنه كَانَ مستهتراً بِالسَّمَاعِ يُحِبهُ ويوثره، وَكَانَ أسمح النَّاس أَخْلَاقًا. فَحكى من سَمعه يَقُول يَوْمًا لجاريةٍ غنت فأحسنت: غفر الله لَك مَا قلت، وَلنَا مَا سمعنَا. قَالَ الصولى: أعرق النَّاس فِي الشّعْر أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن زيد بن عَليّ بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب. وَهُوَ شاعرٌ، وآباؤه إِلَى قصي بن كلاب من مرّة، وَهُوَ الْمَعْرُوف بالحماني وَكَانَ ينزل فِي بني حمان ابْن كَعْب بن سعد بن زيد بن مَنَاة بن تيم؛ فَعرف بذلك. وَله شعرٌ كثير مليح. قَالَ بَعضهم: لقِيت عَليّ بن مُحَمَّد بِالْكُوفَةِ بعد خلاصه من حبس الْمُوفق. وَكَانَ حبس مرَّتَيْنِ، مرّة لكفالته بعض أَهله، وَمرَّة لسعاية لحقته، فهنأته بالسلامة، وَقلت لَهُ: قد عدت إِلَى وطنك الَّذِي تلذه، وإخوانك الَّذين تحبهم، فَقَالَ لي: يَا أَبَا عَليّ؛ ذهب الأتراب والشباب وَالْأَصْحَاب. وَأنْشد: هبني بقيت على الْأَيَّام والأبد ... ونلت مَا نلْت من امالٍ وَمن ولد من لي بِرُؤْيَة من قد كنت آلفه؟ ... وبالشباب الَّذِي ولى وَلم يعد؟ كَانَ الْعَبَّاس بن الْحُسَيْن بن عبيد الله بن الْعَبَّاس بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُم - شَاعِرًا عَالما محسنا فصيحا، وَكَانَ يُقَال: من أَرَادَ لَذَّة لَا تبعة فِيهَا فليسمع كَلَام الْعَبَّاس بن الْحُسَيْن. وَقَالَ لَهُ الْعَبَّاس بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس: أَنْت وَالله يَا أَبَا الْفضل أشعر بني هَاشم، فَقَالَ: لَا أحب أَن أكون بالشعر مَوْصُوفا؛ لِأَنَّهُ أرفع مَا فِي الوضيع، وأوضع مَا فِي الرفيع. وَهَذَا يشبه مَا قَالَه الرشيد لِلْمَأْمُونِ فَإِنَّهُ قَالَ - وَقد كتب إِلَيْهِ بِشعر - يَا بني مَا أَنْت وَالشعر؟ أما علمت أَن الشّعْر أرفع حالات الدنى، وَأَقل حالات السنى؟ وصف الْعَبَّاس بن الْحُسَيْن الْعلوِي رجلا بفصاحته، فَقَالَ: مَا شبهته يتَكَلَّم إِلَّا بثعبانٍ ينهال بَين رمال، أَو ماءٍ يتغلغل بَين جبالٍ.
نام کتاب : نثر الدر في المحاضرات نویسنده : الآبي جلد : 1 صفحه : 266