responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : منهاج البلغاء وسراج الأدباء نویسنده : القرطاجني، أبو الحسن    جلد : 1  صفحه : 95
3- إضاءة: وكما أن في الشعراء من يجعل أكثر معانيه وألفاظه مخيلة ولا يعرج على الإقناع الخطابي إلا في قليل من المواضع، وفيهم من يقصد الإقناع في كثير من معانيه - لأن صناعة الشعر تستعمل يسيرا من الأقوال الخطابية كما أن الخطابة تستعمل يسيرا من الأقوال الشعرية لتعتضد المحاكاة في هذه بالإقناع والإقناع في تلك بالمحاكاة. وغنما يعاب الشاعر إذا كان أكثر أقاويله أو ما قارب مساواة الباقي بزيادة قليلة أو نقص خطابية، والخطيب إذا كانت أقاويله أو ما قارب المساواة بزيادة قليلة أو نقص شعرية. فأما إذا استعملت إحداهما الأقل من الأخرى فإن ذلك يحسن لاعتضاد إحداهما بالأخرى وإراحة النفس وجمومها لتجدد الأقاويل الشعرية بعد الخطابية والخطابية بعد الشعرية عليها وإجمامها بالواحد لتلقى الآخر. - فكذلك في الشعراء أيضاً من يجعل أكثر أبياته وما تتضمنه الفصول بالجملة مخيلة ولا يستعمل الإقناع إلا في القليل منها، ومنهم من يستعمل الإقناع في كثير من الأبيات التي تتضمنها فصول القصيدة.
وقد كان أبو الطيب يعتمد هذا كثيرا ويحسن وضع البيت الإقناعي من الأبيات المخيلة لأنه كان يصدر الفصول بالأبيات المخيلة ثم يختمها ببيت إقناعي يعضد به ما قدم من التخييل ويجم النفوس لاستقبال الأبيات المحيلة في الفصل التالي. فكان لكلامه أحسن موقع في النفوس بذلك. ويجب أن يعتمد مذهب أبي الطيب في ذلك، فإنه حسن.
4- تنوير: والذي يجب أن يعتمده من له قوة يتسنم بها أية شاء من رتب الشعراء في إعطاء الفصول حقها أو فوق حقها أو دون حقها في ما هو فيها بالنظر إلى الجهات بإزاء المبالغة والاستيعاب فيا لعبارات بالنظر إلى المعاني، وهو الاقتصار في ما كانت موصوفاته في أعلى رتبة من الحسن أو القبح على الحقيقة أو ما قاربها مما هو غير مستحيل. هذا إذا قصد تحسين الحسن وتقبيح القبيح.
وما كان في أدنى رتبة منها وقصد تحسينه أو تقبيحه على ذلك النحو فسائغ للشاعر أن يلحقه بذي الرتبة العليا ويصفه بمثل ذلك من الأوصاف التي لا يستحيل تصورها وإن كانت ممتنعة. والمستحسن أن يكون ذلك من الأمور الممكنة.
وإنما ساغ في الشعر وقوع الكذب في الممكنات ولم يسغ في المستحيلات لأن الأمر إذا كان ممكنا سكنت إليه النفس وجاز تمويهه عليها، والمحال تنفر عنه النفس ولا تقبله البتة، فكان مناقضا لغرض الشعر إذ المقصود بالشعر الاحتيال في تحريك النفس لمقتضى الكلام بإيقاعه منها بمحل القبول بما فيه من حسن المحاكاة والهيئة بل ومن الصدق والشهرة في كثير من المواضع.
5- إضاءة: وأما الاستقصاء فإنه مستحسن في الجهات التي معانيها مع شرفها قليلة.
فأما الجهات التي تكثر معانيها وليست كلها بشريفة بالنسبة إلى المقصد فإنما يسوغ استقصاؤها في القصائد الطوال كقصائد ابن الرومي. فأما في القصائد القصار والمتوسطة فلا يحسن إلا التخطي إلى الأشرف فالأشرف منها كما وجب التخطي أيضاً في المعاني المتناظرات إذا كثرت على ما قدمت. لكن ذلك قد يستساغ في القصائد الطوال، ولكل مقام مقال.
6- تنوير: وقد يكون الفصل مشتملا على معاني جهتين أو أكثر، ويكن تعليق الوصاف الواقعة فيبعضها ببعض على سبيل محاكاة أو التفات أو غير ذلك. وما جاء غير متكلف من هذا القبيل فهو حسن.
7- إضاءة: ومن القصائد ما يكون اعتماد الشاعر في فصولها على أن يضمنها معاني جزئية تكون مفهوماتها شخصية، ومنها ما يقصد في فصولها أن تضمن المعاني الكلية التي مفهوماتها جنسية أو نوعية، ومنها ما يقصد في فصولها أن تكون المعاني المضمنة إياها مؤتلفة بين الجزئية والكلية. وهذا هو المذهب الذي يجب اعتماده لحسن موقع الكلام به من النفس. وأحسن ما يكون عليه هيأة الكلام في ذلك أن تصدر الفصول بالمعاني الجزئية وتردف بالمعاني الكلية على جهة تمثل بأمر عام على أمر خاص أو استدلال على الشيء بما هو أعم منه أو نحو ذلك. فكثيرا ما يقع بوضع معاني الفصول على هذه الصفة تعجيب للنفس وانقياد إلى مقتضى الكلام، لكون المعاني الكلية مظنة لوقوع الاقتداء والائتساء بها للسامع أو عدمها حيث يقصد التأنيس بوجودهما أو التنفير من فقدان ذلك، ولوقوع المراوحة التي قدمنا أن فيها استجماما للنفوس.

نام کتاب : منهاج البلغاء وسراج الأدباء نویسنده : القرطاجني، أبو الحسن    جلد : 1  صفحه : 95
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست