نام کتاب : ملامح يونانية في الأدب العربي نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 94
أساس من التكافؤ، وتذكر أيضا من هذه الناحية بقول أبي نؤاس [1] :
والخمر قد يشربها معشر ... ليسوا إذا عدوا بأكفائها ثم تأخذ في الحديث عن فضائل الندامى في الألفة والتغاضي والمغفرة، وربما كان الحديث عن أخلاق الندامى في الشعر العربي مستفيضا، ولكن هذه القطعة ما تزال تنفذ إلى خصائص فيهم يمر بها الشعر العربي مجملا دون تفصيل.
- 4 والقطعة الرابعة تنسب إلى من اسمه لبيروس، ومن الصعب أن نجزم أهو شاعر أم لا، ووقوع هذه القطعة بين اقتباستين شعريتين لا يمكن أن يتخذ دليلا على أنها مقطوعة شعرية، ومع ذلك فإن طبيعتها ترجح أنها شعر، يقول لبيروس: " ينتقد بالخمرة الناس فيعرف الزائف منهم والمغشوش كالحجر الذي يحك به الذهب فيعرف خالصه من مغشوشه، كذلك الخمر في الأشربة إن عدت فيما يطرب النفس وينشر السرور والفرح ويسلي الأفكار الرديئة كانت حقيقة بذلك، وإن عدت فيما يزيل الهموم ويذهب الغموم اجتمع ذلك فيها، وإن قلنا إنها تنشط الكسلان وتروي العطشان وتشجع الجبان وتسخي البخيل فيعطي الجزيل ويراه نزرا قليلا وتعزي عن المصائب وتسلي عن العشق المبرح، ولولاها لم تعمل الملاهي، ولكانت الأحزان والهموم دائمة لا تبرح، لكنها تزيلها وتذهب بها وتبدلها بأضدادها " [2] .
وأول ما يلفت النظر في هذه القطعة طبيعتها التحليلية، فهي تبدأ بالقاعدة العامة. " الخمر محك وصيقل " ثم تذهب بعد ذلك في جزئيات تتحدث عن نواحي مختلفة من الآثار الإيجابية للخمر، مع إغفال التعرض لآثارها السلبية، وتلك الآثار الإيجابية تتردد في الشعر العربي، وليس فيها شيء كثير يميزها من حيث المحتوى، ولكنها؟ من ناحية ثانية - تذكر بشعر للشاعر اليوناني ألقايوس (Alcaeus) [3] ، إذ يقول في إحدى قطعه: " إن كان امرؤ يشكو ألما فليشرب؟ وإذ قال لك بعضهم: لا خير [1] ديوان أبي نؤاس: 239. [2] قطب السرور: 260. [3] كان في أواخر القرن السابع وأوائل السادس (ق. م) ، من مواطني جزيرة لسبوس، شارك في الحياة السياسية ونفي، وبينه وبين أبي نواس مشابه في غير ما وجه.
نام کتاب : ملامح يونانية في الأدب العربي نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 94