نام کتاب : ملامح يونانية في الأدب العربي نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 83
هذه الخرافات مادة لتصوير بعض جوانب من العصبية، كالمفاضلة بين البلدان مثلا، ومن أوضح الأمثلة على ذلك قصة الثعلب الشامي والثعلب العراقي، ودعوى الأول، وقدرة الثاني على ابتكار الحيلة للنجاة [1] .
ومهما يكن من أمر هذه الصبغة التي أصبحت تمثلها بعض الخرافات، فإن الأثر الإيسوبي ظل ملموسا على مر الزمن، وتغلغل هذا الأثر في أعماق الحياة الشعبية حتى أصبح جزءا منها، وقد مر بنا كيف احتفظت الأمثال العامية حتى القرن العاشر الهجري؟ وربما بعده - بقصة الذبابة التي شاءت أن تحط على نخلة أو جميزة [2] ، ومن غير المستبعد أن يكون هذا الأثر قد واكب الآداب العامية منذ أن بدأت تأخذ حيزها إلى جانب الأدب الفصيح، ونحن نجد في الأمثال التي احتفظ بها الوهراني في مناماته، هذا المثل: " قال الحائط للوتد: لم تشقني؟ قال: سل من يدقني؟ لم يتركني ورائي، الحجر الذي من ورائي " [3] وهو مما ورد في أمثال إيسوب [4] ، وفي ذلك الأدب الشعبي نجد الجمل الذي تجنب الأدب الفصيح أن يمس جانبه بالسخرية [5] ، يصبح؟ كما هو أحيانا في بعض خرافات إيسوب - موضع سخرية وتندر، من ذلك هذا المثل الذي أورده الوهراني: " قالوا للجمل: ما لرقبتك معوجة؟ قال: وأي شيء في مقوم حتى تكون رقبتي مقومة؟! " [6] ، وهذا المثل الآخر الذي أورده الأبشيهي: " قالوا للجمل زمر، [1] البصائر 2: 727 - 729 ومحاضرات الراغب 2: 416 دون توضيح لنسبة كل من الثعلبين. [2] انظر ما تقدم ص: 67. [3] ركن الدين محمد بن محمد الوهراني: منامات الوهراني: 70، وروائي الأولى تعني: ورأيي. [4] ملحق بابريوس رقم: 270، ص: 476. [5] في الأدب الفصيح أحيانا قدح في الجمل، وذلك أمر تقتضيه المقايسة بين ضخامة الجسم وقلة العقل، ومثل هذا يصدر في الغالب عن رجل ضئيل يعبره الناس بضآلته، فهو يرد على ذلك بقوله:
لقد عظم البعير بغير لب ... فلم يستغن بالعظم البعير (ديوان كثير عزة: 530) ، ويتحاشى هذا الموقف آخرون، كما في قول القائل " جسم البغال وأحلام العصافير " وكان في مقدوره أن يقول " جسم الجمال ". [6] منامات الوهراني: 171 - 172.
نام کتاب : ملامح يونانية في الأدب العربي نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 83