الهمزة للنداء، وأكرم: تفخيماً أو تقريراً لمناقيه فكأنه قال: يا أحزم الناس، وأكرم الناس، وأشجع الناس، وأرحم الناس.
وأحسن معتمٍّ جلوساً وركبةً ... على المنبر العالي أو الفرس النّهد
الفرس النهد: المشرف.
يقول: يا أحسن من يلبس العمامة في حال ما يجلس على المنبر العالي عند الخطبة، على ما جرت به عادة الملوك في صدر الإسلام، وقيل: أراد بالمنبر: سرير الملك، ويا أحسن من يلبس العمامة في ركوبه على الفرس.
تفضّلت الأيّام بالجمع بيننا ... فلمّا حمدنا لم تدمنا على الحمد
يقول: يا أيها الموصوف بالخصال المذكورة، إن الأيام ابتدأتني بالإحسان، فجمعت بيننا، فلما حمدناها لم تدمنا على هذا الحمد، بل أذنت في انصرافي عنك! وجعل الحمد منهما جميعاً: أي كنت تحب الاجتماع معي، كما كنت أحبه، فلكل واحد منا حمد الأيام على اجتماعه مع صاحبه، وهذا تعظيم منه لأمر نفسه كما هو تعظيم للممدوح.
جعلن وداعي واحداً لثلاثةٍ: ... جمالك والعلم المبرّح والمجد
أي جعلن الأيام وداعي وداعاً واحداً، أودع به ثلاثة أشياء في وقت واحد: جمالك، وعلمك، ومجدك.
وقوله: والعلم المبرح أي الزائد على سائر العلوم.
وقد كنت أدركت المنى غير أنّني ... يعيّرني أهلي بإدراكها وحدي
أي: أدركت المنى بلقائك، غير أن أهلي يعيروني إذا لم أشاركهم فيما نلته، فأرجع إليهم لأشاركهم.
وكلّ شريكٍ في السّرور بمصبحي ... أرى بعده من لا يرى مثله بعدي
المصبح: الإصباح. والهاء في بعده راجعة إلى كل شريك. وفي مثله لابن العميد.
يقول: كل من شاركني من أهلي في السرور بمصبحي عندهم، فإني إذا فارقته رأيت بعده، ولا يرى مثله إذا فارقني، فإني أعتاض عن فراقه ملكاً يغنيني ولا يعتاض هو من فراقي أحداً، فلا أمنعه السرور بما أستفيده.
كأنه يشير إلى أنه يرجع إليه.
فجد لي بقلبٍ إن رحلت فإنّني ... أخلّف قلبي عند من فضله عندي
أي: هب لي قلباً أرتحل به عنك، فإني أترك قلبي عندك، من فضلك الذي عندي.
فلو فارقت نفسي إليك حياتها ... لقلت أصابت غير مذمومة العهد
أي: لو فارقت نفسي الحياة وآثرتك عليها لصوبت رأيها في اختيارك وما ذممت عهدها في هذه المفارقة. العضديات
وجه أبو شجاع عضد الدولة بن ركن الدولة في طلب المتنبي، ولم يمكن الأستاذ الرئيس مخالفته، فحمله مكرما فقال المتنبي يمدحه بشيراز، وهي أول ما قال فيه سنة أربع وخمسين وثلاث مئة.
أوه بديلٌ من قولتي واها ... لمن نأت والبديل ذكراها
أوه تأوه، وهي كلمة تستعمل على وجه التوجع. واها: كلمة تستعمل للتعجب.
يقول: تألمي الآن بديل من تعجب كان لوصل من نأت عني، وصار ذكراها بدل منها، فأنا اليوم أتوجع من فراقها، بعد أن كنت أتلذذ بوصالها.
وتقدير البيت: قولي أوه بدل من قولي واها. فقولتي مبتدأ وأوه في موضع نصب بقولتي وبديل خبر المبتدأ، وواها في موضع نصب بقولتي وهذا كما نقول: ضربي زيداً بدل من ضربي عمراً.
أوه من ألاّ أرى محاسنها ... وأصل واهاً وأوه مرآها
يقول: أنا أتوجع من أجل أني أرى محاسنها بعد ما كنت أتعجب بوصالها، وأصل استحساني، لوصلها فيما تقدم، وتوجعي الآن على فقدها إنما هو مرآها: أي رؤيتها. يعني: فيما تقدم.
أي: لولا أني رأيتها لم أتعجب من حسنها، ولم أتلهف على فراقها.
شاميّةٌ طالما خلوت بها ... تبصر في ناظري محيّاها
المحيا: الوجه.
يقول: التي أتوجع من فراقها. هي شامية، وهي التي طالت الخلوة بيني وبينها، فكانت ترى في ناظر عيني وجهها لقربها مني.
فقبّلت ناظري تغالطني ... وإنّما قبّلت به فاها
به أي فيه: أي فقبلت من ناظري فاها. يعني: أن ناظر العين كالمرآة إذا قابله شيء انطبعت صورته فيه.
يقول: إنها رأت شكل فمها في ناظري، فغالطتني أنها تقبل عيني، وإنما قبلت شكل فمها، الذي رأته في ناظري.
فليتها لا تزال آويةٌ ... وليته لا يزال مأواها
الهاء في ليتها للمحبوبة وفي ليته للناظر.